الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم )

قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأه بعضهم : ( والذين عقدت أيمانكم ) ، بمعنى : والذين عقدت أيمانكم الحلف بينكم وبينهم . وهي قراءة عامة قرأة الكوفيين .

وقرأ ذلك آخرون : " والذين عاقدت أيمانكم " بمعنى : والذين عاقدت أيمانكم وأيمانهم الحلف بينكم وبينهم .

قال أبو جعفر : والذي نقول به في ذلك : إنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة أمصار المسلمين بمعنى واحد .

وفي دلالة قوله : " أيمانكم " على أنها أيمان العاقدين والمعقود عليهم الحلف - مستغنى عن الدلالة على ذلك بقراءة قوله : " عقدت " " عاقدت " . وذلك أن الذين قرءوا ذلك : " عاقدت " قالوا : لا يكون عقد الحلف إلا من فريقين ، ولا بد لنا من دلالة في الكلام على أن ذلك كذلك . وأغفلوا موضع دلالة قوله : " أيمانكم " على أن معنى ذلك أيمانكم وأيمان المعقود عليهم ، وأن العقد إنما هو صفة للأيمان دون [ ص: 273 ] العاقدين الحلف ، حتى زعم بعضهم أن ذلك إذا قرئ : عقدت أيمانكم ، فالكلام محتاج إلى ضمير صفة تقي الكلام ، حتى يكون الكلام معناه : والذين عقدت لهم أيمانكم ذهابا منه عن الوجه الذي قلنا في ذلك ، من أن الأيمان معني بها أيمان الفريقين .

وأما " عاقدت أيمانكم " فإنه في تأويل : عاقدت أيمان هؤلاء أيمان هؤلاء - الحلف .

فهما متقاربان في المعنى ، وإن كانت قراءة من قرأ ذلك : " عقدت أيمانكم " بغير " ألف " - أصح معنى من قراءة من قرأه : " عاقدت " ؛ للذي ذكرنا من الدلالة المغنية في صفة الأيمان بالعقد ، على أنها أيمان الفريقين من الدلالة على ذلك بغيره .

وأما معنى قوله : " عقدت أيمانكم " فإنه : وصلت وشدت ووكدت [ ص: 274 ] " أيمانكم " يعني : مواثيقكم التي واثق بعضكم بعضا فآتوهم نصيبهم .

ثم اختلف أهل التأويل في معنى " النصيب " الذي أمر الله أهل الحلف أن يؤتي بعضهم بعضا في الإسلام .

فقال بعضهم : هو نصيبه من الميراث ؛ لأنهم في الجاهلية كانوا يتوارثون ، فأوجب الله في الإسلام من بعضهم لبعض بذلك الحلف ، وبمثله في الإسلام - من الموارثة مثل الذي كان لهم في الجاهلية . ثم نسخ ذلك بما فرض من الفرائض لذوي الأرحام والقرابات .

ذكر من قال ذلك :

9266 - حدثنا محمد بن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح ، عن الحسن بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة والحسن البصري في قوله : والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيد " قال : كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب ، فيرث أحدهما الآخر ، فنسخ الله ذلك في " الأنفال " فقال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ سورة الأنفال : 75 ] .

9267 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير في قول الله : " والذين عاقدت أيمانكم " [ ص: 275 ] قال : كان الرجل يعاقد الرجل فيرثه ، وعاقد أبو بكر رضي الله عنه مولى فورثه .

9268 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " فكان الرجل يعاقد الرجل : أيهما مات ورثه الآخر . فأنزل الله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ) [ سورة الأحزاب : 6 ] ، يقول : إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا - وصية ، فهو لهم جائز من ثلث مال الميت . وذلك هو المعروف .

9269 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا " كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول : " دمي دمك ، وهدمي هدمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك " . فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام ، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم . فنسخ ذلك بعد في " سورة الأنفال " فقال الله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ سورة الأنفال : 6 ] .

9270 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا [ ص: 276 ] معمر ، عن قتادة : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول : " دمي دمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك " . فلما جاء الإسلام بقي منهم ناس ، فأمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث ، وهو السدس ، ثم نسخ ذلك بالميراث ، فقال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ) .

9271 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا همام بن يحيى قال : سمعت قتادة يقول ، في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " وذلك أن الرجل كان يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول : " هدمي هدمك ودمي دمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك " فجعل له السدس من جميع المال ، ثم يقتسم أهل الميراث ميراثهم . فنسخ ذلك بعد في " الأنفال " فقال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) ، فصارت المواريث لذوي الأرحام .

9272 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عكرمة قال : هذا حلف كان في الجاهلية ، كان الرجل يقول للرجل : " ترثني وأرثك ، وتنصرني وأنصرك ، وتعقل عني وأعقل عنك " .

9273 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم " كان الرجل يتبع الرجل فيعاقده : " إن مت فلك مثل ما يرث بعض ولدي " ! وهذا منسوخ .

[ ص: 277 ] 9274 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " فإن الرجل في الجاهلية قد كان يلحق به الرجل فيكون تابعه ، فإذا مات الرجل صار لأهله وأقاربه الميراث ، وبقي تابعه ليس له شيء ، فأنزل الله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " فكان يعطى من ميراثه ، فأنزل الله بعد ذلك : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) .

وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في الذين آخى بينهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار ، فكان بعضهم يرث بعضا بتلك المؤاخاة ، ثم نسخ الله ذلك بالفرائض ، وبقوله : ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون .

ذكر من قال ذلك :

9275 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا إدريس بن يزيد قال : حدثنا طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " قال : كان المهاجرون حين قدموا المدينة ، يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه ، للأخوة التي آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم . فلما نزلت هذه الآية : ولكل جعلنا موالي ، نسخت .

[ ص: 278 ] 9276 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم " الذين عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآتوهم نصيبهم ، إذا لم يأت رحم تحول بينهم . قال : وهو لا يكون اليوم ، إنما كان في نفر آخى بينهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانقطع ذلك . ولا يكون هذا لأحد إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم - كان آخى بين المهاجرين والأنصار ، واليوم لا يؤاخى بين أحد .

وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في أهل العقد بالحلف ، ولكنهم أمروا أن يؤتي بعضهم بعضا أنصباءهم من النصرة والنصيحة وما أشبه ذلك ، دون الميراث .

ذكر من قال ذلك :

9277 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا إدريس الأودي قال : حدثنا طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم من النصر والنصيحة والرفادة ، ويوصي لهم ، وقد ذهب الميراث .

9278 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : والذين عقدت أيمانكم . قال : كان حلف في الجاهلية ، فأمروا في الإسلام أن يعطوهم نصيبهم من العقل والمشورة [ ص: 279 ] والنصرة ، ولا ميراث .

9279 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد أنه قال في هذه الآية : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " من العون والنصر والحلف .

9280 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد في قول الله : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : كان هذا حلفا في الجاهلية ، فلما كان الإسلام ، أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من النصر والولاء والمشورة ، ولا ميراث .

9281 - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال : حدثنا حجاج ، قال ابن جريج : " والذين عاقدت أيمانكم " أخبرني عبد الله بن كثير : أنه سمع مجاهدا يقول : هو الحلف : عقدت أيمانكم . قال : فآتوهم نصيبهم ، قال : النصر .

9282 - حدثني زكريا بن يحيى قال : حدثنا حجاج ، قال : ابن جريج ، أخبرني عطاء قال : هو الحلف . قال : فآتوهم نصيبهم ، قال : العقل والنصر .

9283 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : لهم نصيبهم من النصر والرفادة والعقل . [ ص: 280 ] 9284 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه .

9285 - حدثنا المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : هم الحلفاء .

9286 - حدثنا المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن خصيف ، عن عكرمة مثله .

9287 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " أما " عقدت أيمانكم " فالحلف ، كالرجل في الجاهلية ينزل في القوم فيحالفونه على أنه منهم ، يواسونه بأنفسهم ، فإذا كان لهم حق أو قتال كان مثلهم ، وإذا كان له حق أو نصرة خذلوه . فلما جاء الإسلام سألوا عنه ، وأبى الله إلا أن يشدده . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لم يزد الإسلام الحلفاء إلا شدة " .

وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنون أبناء غيرهم في الجاهلية ، فأمروا في الإسلام أن يوصوا لهم عند الموت وصية .

ذكر من قال ذلك :

9288 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : حدثني سعيد بن المسيب : أن الله قال : " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " قال سعيد بن المسيب : إنما نزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنون [ ص: 281 ] رجالا غير أبنائهم ويورثونهم ، فأنزل الله فيهم ، فجعل لهم نصيبا في الوصية ، ورد الميراث إلى الموالي في ذي الرحم والعصبة ، وأبى الله للمدعين ميراثا ممن ادعاهم وتبناهم ، ولكن الله جعل لهم نصيبا في الوصية .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في تأويل قوله : والذين عقدت أيمانكم ، قول من قال : " والذين عقدت أيمانكم على المحالفة ، وهم الحلفاء " . وذلك أنه معلوم عند جميع أهل العلم بأيام العرب وأخبارها - أن عقد الحلف بينها كان يكون بالأيمان والعهود والمواثيق ، على نحو ما قد ذكرنا من الرواية في ذلك .

فإذ كان الله - جل ثناؤه - إنما وصف الذين عقدت أيمانهم ما عقدوه بها بينهم ، دون من لم تعقد عقدا بينهم أيمانهم ، وكانت مؤاخاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بين من آخى بينه وبينه من المهاجرين والأنصار لم تكن بينهم بأيمانهم ، وكذلك التبني - كان معلوما أن الصواب من القول في ذلك قول من قال : " هو الحلف " دون غيره ؛ لما وصفناه من العلة .

وأما قوله : " فآتوهم نصيبهم " فإن أولى التأويلين به ، ما عليه الجميع مجمعون من حكمه الثابت ، وذلك إيتاء أهل الحلف الذي كان في الجاهلية دون الإسلام بعضهم بعضا أنصباءهم من النصرة والنصيحة والرأي ، دون الميراث . وذلك لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا حلف في الإسلام ، وما كان من حلف في الجاهلية ، فلم يزده الإسلام إلا شدة " .

9289 - حدثنا بذلك أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن شريك ، عن [ ص: 282 ] سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

9290 - وحدثنا أبو كريب قال : حدثنا مصعب بن المقدام ، عن إسرائيل بن يونس ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا حلف في الإسلام ، وكل حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة . وما يسرني أن لي حمر النعم ، وأنى نقضت الحلف الذي كان في دار الندوة .

9291 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أبيه ، عن شعبة بن التوأم الضبي : أن قيس بن عاصم سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف فقال : لا حلف في الإسلام ، ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية .

[ ص: 283 ] 9292 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن أبيه ، عن شعبة بن التوأم ، عن قيس بن عاصم : أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف ، قال : فقال : ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به ، ولا حلف في الإسلام .

9293 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن داود بن أبي عبد الله ، عن ابن جدعان ، عن جدته ، عن أم سلمة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا حلف في الإسلام ، وما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة " .

[ ص: 284 ] 9294 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا حسين المعلم وحدثنا مجاهد بن موسى قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا حسين المعلم وحدثنا حاتم بن بكر الضبي قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن حسين المعلم قال : حدثنا أبي ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم فتح مكة : فوا بحلف ، فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة ، ولا تحدثوا حلفا في الإسلام " .

[ ص: 285 ] 9295 - حدثنا أبو كريب وعبدة بن عبد الله الصفار قالا : حدثنا محمد بن بشر قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة قال : حدثني سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جبير بن مطعم : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية ، فلم يزده الإسلام إلا شدة .

[ ص: 286 ] 9296 - حدثنا حميد بن مسعدة ومحمد بن عبد الأعلى قالا : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : شهدت حلف المطيبين . وأنا غلام مع عمومتي ، فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه . زاد يعقوب في حديثه عن ابن علية ، قال : وقال الزهري : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لم يصب الإسلام حلفا إلا زاده شدة . قال : ولا حلف في الإسلام . قال : وقد ألف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار .

[ ص: 287 ] 9297 - حدثنا تميم بن المنتصر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عام الفتح ، قام خطيبا في الناس فقال : " يا أيها الناس ، ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة ، ولا حلف في الإسلام " .

9298 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس بن بكير قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه .

9299 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا خالد بن مخلد قال : حدثنا سليمان بن بلال قال : حدثنا عبد الرحمن بن الحارث ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه .

[ ص: 288 ] قال أبو جعفر : فإذ كان ما ذكرنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيحا ، وكانت الآية إذا اختلف في حكمها : منسوخ هو أم غير منسوخ - غير جائز القضاء عليه بأنه منسوخ - مع اختلاف المختلفين فيه ، ولوجوب حكمها ونفي النسخ عنه وجه صحيح - إلا بحجة يجب التسليم لها ، لما قد بينا في غير موضع من كتبنا الدلالة على صحة القول بذلك - فالواجب أن يكون الصحيح من القول في تأويل قوله : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ، هو ما ذكرنا من التأويل ، وهو أن قوله : عقدت أيمانكم من الحلف ، وقوله : فآتوهم نصيبهم من النصرة والمعونة والنصيحة والرأي ، على ما أمر به من ذلك - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأخبار التي ذكرناها عنه دون قول من قال : " معنى قوله : فآتوهم نصيبهم ، من الميراث " وأن ذلك كان حكما ثم نسخ بقوله : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، ودون ما سوى القول الذي قلناه في تأويل ذلك .

وإذ صح ما قلنا في ذلك ، وجب أن تكون الآية محكمة لا منسوخة .

التالي السابق


الخدمات العلمية