الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        وإن كانت الوصية لمعين ، فينبغي أن يتصور له الملك . ويتعلق بهذا الضبط مسائل . إحداها : الوصية للحمل جائزة ، ثم ينظر ، فإن قال : أوصيت لحمل فلانة ، أو لحمل فلانة الموجود الآن ، فلا بد لنفوذها من شرطين .

                                                                                                                                                                        أحدهما : أن يعلم وجوده حال الوصية ، بأن ينفصل لأقل من ستة أشهر ، فلو انفصل لستة فصاعدا نظر إن كانت المرأة فراشا لزوج أو سيد ، لم يستحق شيئا ، وإن لم تكن فراشا ، بل فارقها مستفرشها قبل الوصية . فإن كان الانفصال لأكثر من أربع سنين من وقت الوصية ، لم يستحق شيئا . وإن انفصل لدون ذلك ، فقولان ، وقيل : وجهان : أظهرهما : أنه يستحق ; لأن الظاهر وجوده . ولو قال : أوصيت لحمل فلانة من زيد اشترط مع ذلك ثبوت نسبه من زيد ، حتى لو كانت الوصية بعد زوال الفراش ، فأتت بولد لأكثر من أربع سنين من وقت الفراق ، ولأقل من ستة أشهر من يوم الوصية ، لم يستحق شيئا ; لأن النسب غير ثابت منه . ولو اقتضى الحال ثبوت نسبه من زيد ، فنفاه باللعان ، فالصحيح الذي قاله ابن سريج والجمهور : لا شيء له ؛ لأنه لم يثبت . وعن أبي إسحاق ، واختاره الأستاذ أبو منصور : يستحق ; لأن النسب كان ثابتا ، واللعان إنما يؤثر في حق المتلاعنين ، ويجري الخلاف فيما لو أوصى لحمل أمة من سيدها ، فادعى سيدها الاستبراء ، ورأيناه نافيا للنسب .

                                                                                                                                                                        [ ص: 100 ] الشرط الثاني : أن ينفصل حيا ، فلو انفصل ميتا ، فلا شيء له وإن انفصل بجناية وأوجبنا الغرة ، لما ذكرناه في الميراث .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        أتت بولدين بينهما أقل من ستة أشهر ، وبين الوصية والأول أقل من ستة أشهر ، صحت الوصية لهما وإن زاد ما بين الوصية والثاني على ستة أشهر وكانت المرأة فراشا ؛ لأنهما حمل واحد .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        يقبل الوصية للحمل من يلي أمره بعد خروجه حيا . وإن قبلها قبل انفصاله ، ثم انفصل حيا ، فعن القفال : أنه لا يعتد بقوله . وقال غيره : فيه قولان . كمن باع مال أبيه على ظن حياته فبان ميتا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        هذا الذي ذكرناه ، فيما إذا قال : أوصيت لحملها ، أو لحملها الموجود . أما إذا قال : لحملها الذي سيحدث ، فأوجه . أصحها عند الأكثرين : بطلان الوصية ; لأنها تمليك ، وتمليك المعدوم ممتنع . والثاني : تصح ، قاله أبو إسحاق ، وأبو منصور ، كما تصح بالحمل الذي سيوجد . والثالث : إن كان الحمل موجودا حال الموت ، صح ، وإلا فلا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية