الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        المقصود الثاني : قسمة التركات ، وله أصل وفروع متشعبة . أما الأصل ، [ ص: 76 ] فإن كانت التركة دراهم أو دنانير أو غيرهما مما ينقسم بالأجزاء ، كالمكيلات والموزونات ، قسمت عينها بين الورثة . وإن كان مما لا ينقسم بالأجزاء ، كالعبيد والجواري والدواب ، قوم ثم قسم بينهم بالقيمة ، فما أصاب كل واحد من القيمة فله بقدرها من المقوم . وطريقه : أن ينظر في التركة ، أهي عدد صحيح من الدراهم وغيرها ، أم عدد وكسر ؟ فإن كان الأول ، قابلت التركة بالمسألة بعولها إن عالت . فإن تماثلا ، فلا إشكال ، وإلا فإن تباينا فاضرب نصيب كل وارث من أصل المسألة بعولها ، أو مما صحت منه المسألة في عدد التركة ، فما بلغ فاقسمه على أصل المسألة بعولها ، أو على ما صحت منه المسألة ، فما خرج من القسمة ، فهو نصيب ذلك الوارث . وإن شئت قسمت التركة أولا على أصل المسألة بعولها ، أو على ما صحت منه ، فما خرج بالقسمة ، فاضربه في سهم كل وارث ، فما بلغ فهو نصيبه . وإن كانا متوافقين ، فإن عملت كما عملت في المتباينين حصل الغرض ، وإن أردت الاختصار ، فخذ وفقهما ، واضرب سهم كل وارث في وفق التركة ، فما بلغ فاقسمه على وفق المسألة ، فما خرج فهو نصيبه من التركة . وإن شئت فاقسم وفق التركة على وفق المسألة ، فما خرج فاضربه في سهم كل وارث ، فما بلغ فهو نصيبه . وإذا فرغت من العمل امتحنت صحته ، بأن تجمع ما أصاب كل واحد من الورثة وتنظر هل المجموع مثل التركة ، أم لا ؟

                                                                                                                                                                        الأمثلة :

                                                                                                                                                                        زوج ، وأم ، وأختان لأب ، وأخوان لأم ، والتركة ستون دينارا ، فالمسألة من ستة وتعول إلى عشرة . فإن شئت ضربت سهام الزوج في ستين تبلغ مائة وثمانين تقسمها على المسألة ، يخرج ثمانية عشر ، فهو نصيب الزوج ، وتضرب نصيب الأم في ستين ، يكون ستين تقسمه على المسألة يخرج ستة ، فهو نصيبها . وتضرب نصيب الأخوين فيها يكون مائة وعشرين تقسمه على المسألة يخرج اثنا عشر ، [ ص: 77 ] فهو نصيبهما [ وتضرب نصيب الأختين يكون مائتين وأربعين تقسمها على المسألة ، يخرج أربعة وعشرون فهو نصيبهما ] . وإن شئت قسمت التركة على المسألة ، يخرج ستة ، تضربها في سهام كل وارث يخرج ما ذكرنا .

                                                                                                                                                                        زوج ، وأم ، وأخت لأب ، والتركة أربعة دراهم . المسألة تعول إلى ثمانية ، تضرب نصيب الزوج في التركة ، يكون اثني عشر تقسمه على سهام المسألة يخرج للسهم درهم ونصف ، وكذلك نصيب الأخت . وتضرب نصيب الأم وهو سهمان في أربعة ، تبلغ ثمانية تقسم على المسألة ، يخرج واحد ، فهو نصيبها .

                                                                                                                                                                        ثلاث زوجات وأربعة إخوة لأم ، وخمس أخوات لأب ، والتركة خمسة وسبعون دينارا . المسألة تعول إلى خمسة عشر ، وتوافق التركة بأجزاء خمسة عشر ، فتردهما إلى جزء الوفق ، فتعود التركة إلى خمسة ، والمسألة إلى واحد ، ثم إن شئت ضربت سهام الزوجات ، وهي ثلاثة في وفق التركة ، وهو خمسة ، تبلغ خمسة عشر ، فهو للزوجات . وضربت سهام الإخوة ، وهي أربعة [ في الخمسة ] تبلغ عشرين ، فهو نصيبهم ، وسهام الأخوات ، وهي ثمانية ، في الخمسة ، تبلغ أربعين ، فهو نصيبهن . وإن شئت قسمت وفق التركة ، وهو خمسة على وفق المسألة وهو واحد ، يخرج خمسة ، تضرب في سهام كل وارث ، يكون على ما ذكرنا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        فإن كانت التركة عددا وكسرا نظر ، إن كان الكسر واحدا ، ضربت مخرج ذلك الكسر في الصحاح ، فما خرج فرد عليه الكسر ، واقسم المجموع على الورثة كما تقسم الصحاح ، ثم اجعل ما خرج بالقسمة بعدد فخرج ذلك الكسر واحدا صحيحا ، وأضف إليه الباقي .

                                                                                                                                                                        [ ص: 78 ] مثاله : زوج وأختان ، والتركة عشرة دراهم ونصف ، تضرب مخرج النصف ، وهو اثنان ، في العشرة ، تبلغ عشرين ، وتزيد على النصف واحدا ، فكأن التركة أحد وعشرون صحاحا تعمل بها عملك بالصحاح ، فيخرج للزوج تسعة أنصاف هي أربعة دراهم ونصف ، ولكل أخت ستة أنصاف وهي ثلاثة دراهم . ولو كانت المسألة بحالها ، والتركة ثمانية وثلاثة أرباع ، ضربت مخرج الربع ، وهو أربعة في الثمانية تبلغ اثنين وثلاثين ، تزيد عليه الكسر ، وهو ثلاثة تبلغ خمسة وثلاثين ، تقسم كقسمة الصحاح ، يخرج للزوج خمسة عشر ، وهو ثلاثة دراهم وثلاثة أرباع درهم ، ولكل أخت عشرة ، وهي درهمان ونصف . وإن كان مع الصحاح كسران كربع وسدس ، أخذت مخرج مجموعهما ، وهو اثنا عشر وضربته في الصحاح وتممت العمل كما ذكرنا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية