الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 493 ] القول في تأويل قوله ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "ولا يغرنك" يا محمد " تقلب الذين كفروا في البلاد " ، يعني : تصرفهم في الأرض وضربهم فيها ، كما : -

8371 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد " ، يقول : ضربهم في البلاد .

فنهى الله تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم عن الاغترار بضربهم في البلاد ، وإمهال الله إياهم ، مع شركهم ، وجحودهم نعمه ، وعبادتهم غيره . وخرج الخطاب بذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمعني به غيره من أتباعه وأصحابه ، كما قد بينا فيما مضى قبل من أمر الله ولكن كان بأمر الله صادعا ، وإلى الحق داعيا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال قتادة .

8372 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد " ، والله ما غروا نبي الله ، ولا وكل إليهم شيئا من أمر الله ، حتى قبضه الله على ذلك .

وأما قوله : " متاع قليل " ، فإنه يعني : أن تقلبهم في البلاد وتصرفهم فيها ، [ ص: 494 ] متعة يمتعون بها قليلا حتى يبلغوا آجالهم ، فتخترمهم منياتهم" ثم مأواهم جهنم " ، بعد مماتهم .

و"المأوى" : المصير الذي يأوون إليه يوم القيامة ، فيصيرون فيه .

ويعني بقوله : " وبئس المهاد " . وبئس الفراش والمضجع جهنم .

التالي السابق


الخدمات العلمية