الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 287 ] فصل ( في نشر السنة بالقول والعمل بغير خصومة ولا عنف ) .

سأل الإمام أحمد رجل فقال : أكون في المجلس فتذكر فيه السنة لا يعرفها غيري أفأتكلم بها ؟ فقال : أخبر بالسنة ، ولا تخاصم عليها فعاد عليه القول فقال : ما أراك إلا رجلا مخاصما . وقد تقدم كذلك ، وهذا المعنى قاله مالك فإنه أمر بالإخبار بالسنة قال : فإن لم يقبل منك فاسكت .

وسبق في فصول الكذب ما يتعلق بالمراء والجدال ونحو ذلك .

وفي مسائل صالح بن الإمام أحمد عن أبيه قال : وسألته عن رجل يبلى بأرض ينكرون فيها رفع اليدين في الصلاة ، وينسبونه إلى الرفض إذا فعل ذلك هل يجوز له ترك الرفع قال أبي : لا يترك ، ولكن يداريهم .

وقال أحمد حدثنا معتمر بن سليمان سمعت أبي يقول : ما أغضبت رجلا قط فسمع منك .

وقال الشافعي من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه .

وقال في الغنية ، وقال أبو الدرداء : من وعظ أخاه بالعلانية فقد شانه ، ومن وعظه سرا فقد زانه . ولعله عن أم الدرداء قال الخلال : روي عنها أنها قالت : من وعظ أخاه سرا فقد زانه ، ومن وعظه علانية فقد شانه . وفي الصحيحين تأخير عثمان يوم الجمعة ، وجاء وعمر على المنبر فقال : أية ساعة هذه ؟ قال في شرح مسلم قاله توبيخا وإنكارا لتوبيخه لا لتأخيره إلى هذا الوقت ، ففيه تفقد الإمام رعيته ، وأمرهم بصلاح دينهم ، والإنكار على مخالف السنة ، وإن كان كبير القدر .

وفيه جواز الإنكار على الكبار في مجمع الناس ، وفي قول عثمان شغلت اليوم فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت النداء ، فلم أزد على أن توضأت فيه [ ص: 288 ] الاعتذار إلى ولاة الأمور وغيرهم قال الشيخ عبد القادر : فإن فعل ذلك ولم ينفعه أظهر حينئذ ذلك واستعان عليه بأهل الخير ، وإن لم ينفع فبأصحاب السلطان ، وتقدم في حفظ اللسان خبر ابن عباس { كفى بك إثما أن لا تزال مخاصما } .

التالي السابق


الخدمات العلمية