الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1000 [ ص: 344 ] حديث ثامن وثلاثون لأبي الزناد

مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يضحك الله عز وجل إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ، ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل فيستشهد .

التالي السابق


معنى هذا الحديث عند جماعة أهل العلم أن القاتل الأول كان كافرا ، وتوبته المذكورة في هذا الحديث إسلامه ، قال الله عز وجل : ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) .

وفي هذا الحديث دليل على أن كل من قتل في سبيل الله فهو في الجنة لا محالة إن شاء الله .

حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال : [ ص: 345 ] حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي العجفاء ، عن عمر بن الخطاب ، فذكر حديثا سمعه يقول : قال : وأخرى تقولونها - يعني في مغازيكم هذه لمن يقتل - قتل فلان شهيدا ، أو مات فلان شهيدا ، ولعله أن يكون قد أوقر دفتي راحلته ذهبا أو ورقا يبتغي الدنيا - أو قال التجارة - فلا تقولوا ذاكم ، ولكن قولوا كما قال النبي عليه السلام : ومن قتل في سبيل الله أو مات فهو في الجنة .

وكذلك الآثار المتقدمة كلها تدل على ذلك ، والله أعلم وذلك على قدر النيات ، وكل من قاتل لتكون كلمة الله العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى ، فهو في الجنة إن شاء الله .

وأما قوله : يضحك الله ، فمعناه يرحم الله عبده عند ذاك ، ويتلقاه بالروح ، والراحة ، والرحمة ، والرأفة ، وهذا مجاز مفهوم ، وقد قال الله عز وجل في السابقين الأولين ، والتابعين لهم بإحسان ( رضي الله عنهم ) وقال في المجرمين ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) وأهل العلم يكرهون الخوض في مثل هذا وشبهه من التشبيه كله في الرضا والغضب وما كان مثله من صفات المخلوقين ، وبالله العصمة والتوفيق .




الخدمات العلمية