الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 424 ] القول في تأويل قوله ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب )

قال أبو جعفر : يعني بقوله : "ما كان الله ليذر المؤمنين" ، ما كان الله ليدع المؤمنين"على ما أنتم عليه" من التباس المؤمن منكم بالمنافق ، فلا يعرف هذا من هذا"حتى يميز الخبيث من الطيب" ، يعنى بذلك : "حتى يميز الخبيث" وهو المنافق المستسر للكفر"من الطيب" ، وهو المؤمن المخلص الصادق الإيمان ، بالمحن والاختبار ، كما ميز بينهم يوم أحد عند لقاء العدو عند خروجهم إليهم .

واختلف أهل التأويل في"الخبيث" الذي عنى الله بهذه الآية .

فقال بعضهم فيه ، مثل قولنا .

ذكر من قال ذلك :

8268 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثني أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : [ ص: 425 ] " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " ، قال : ميز بينهم يوم أحد ، المنافق من المؤمن .

8269 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " ، قال : ابن جريج ، يقول : ليبين الصادق بإيمانه من الكاذب قال ابن جريج ، قال مجاهد : يوم أحد ، ميز بعضهم عن بعض ، المنافق عن المؤمن .

8270 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " ، أي : المنافقين .

وقال آخرون : معنى ذلك : حتى يميز المؤمن من الكافر بالهجرة والجهاد .

ذكر من قال ذلك :

8271 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه " ، يعني الكفار . يقول : لم يكن الله ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضلالة : "حتى يميز الخبيث من الطيب" ، يميز بينهم في الجهاد والهجرة .

8272 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " حتى يميز الخبيث من الطيب " ، قال : حتى يميز الفاجر من المؤمن .

8273 - حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي ، " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " [ ص: 426 ] قالوا : "إن كان محمد صادقا ، فليخبرنا بمن يؤمن بالله ومن يكفر"!! فأنزل الله : "ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب" ، حتى يخرج المؤمن من الكافر .

قال أبو جعفر : والتأويل الأول أولى بتأويل الآية ، لأن الآيات قبلها في ذكر المنافقين ، وهذه في سياقتها . فكونها بأن تكون فيهم ، أشبه منها بأن تكون في غيرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية