الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              في الشهادة على الشهادة ( تقبل الشهادة على الشهادة في غير عقوبة ) لله تعالى من حقوق الآدمي ، وحقوق الله تعالى كزكاة وحد الحاكم لفلان على نحو زناه وهلال نحو رمضان للحاجة إلى ذلك بخلاف عقوبة لله تعالى كحد زنا وشرب وسرقة وكذا إحصان من ثبت زناه أو ما يتوقف عليه الإحصان لكن بحث البلقيني قبولها فيه إن ثبت زناه بإقراره لإمكان رجوعه ويرد بأنهم لو نظروا لذلك لأجازوها في الزنا المقر به لإمكان الرجوع عنه وليس كذلك فكذا الإحصان وذلك ؛ لأن مبناها على الدرء ما أمكن ( وفي عقوبة لآدمي ) كقود وحد قذف ( على المذهب ) لبناء حقه على المضايقة ( وتحملها ) الذي يعتد به إنما يحصل بأحد ثلاثة أمور إما ( بأن يسترعيه ) الأصل أي : يلتمس منه رعاية شهادته وضبطها حتى يؤديها عنه ؛ لأنها نيابة فاعتبر فيها إذن المنوب عنه أو ما يقوم مقامه مما يأتي نعم لو سمعه يسترعي غيره جاز له الشهادة على شهادته وإن لم يسترعه هو بخصوصه ( فيقول أنا شاهد بكذا ) فلا يكفي أنا عالم ونحوه ( وأشهدك ) أو أشهدتك ( أو اشهد على شهادتي ) أو إذا استشهدت على شهادتي فقد أذنت لك أن تشهد ونحو ذلك ( أو ) بأن ( يسمعه يشهد ) بما يريد أن يتحمله عنه ( عند قاض ) أو محكم . قال البلقيني : أو نحو أمير [ ص: 275 ] أي : تجوز الشهادة عنده لما مر فيه .

                                                                                                                              قال : إذ لا يؤدي عنده إلا بعد التحقق فأغناه ذلك عن إذن الأصل له فيه ( أو ) بأن يبين السبب كأن ( يقول ) ولو عند غير حاكم ( أشهد أن لفلان على فلان ألفا من ثمن مبيع أو غيره ) لأن إسناده للسبب يمنع احتمال التساهل فلم يحتج لإذنه أيضا . وهل يتعين هنا أن يسمع منه لفظ أشهد أو يكفي مرادفه بكل محتمل ؟ وقياس ما سبق التعين وعليه يدل المتن وإن أمكن الفرق بأن المدار هنا ليس إلا على تبيين السبب لا غير ( وفي هذا ) الأخير ( وجه ) أنه لا بد من إذنه ؛ لأنه قد يتوسع في العبارة ولو دعي للأداء لأحجم ويتعين ترجيحه فيما لو دلت القرائن القطعية من حال الشاهد على تساهله وعدم تحريره للعبارة ( ولا يكفي سماع قوله لفلان على فلان كذا أو أشهد بكذا أو عندي شهادة بكذا ) وإن قال شهادة جازمة لا أتمارى فيها لاحتمال هذه الألفاظ الوعد والتجوز كثيرا ( وليبين الفرع عند الأداء جهة التحمل ) كأشهد أن فلانا يشهد بكذا وأشهدني أو سمعته يشهد به عند قاض أو يبين سببه ليتحقق القاضي صحة شهادته إذ أكثر الشهود لا يحسنها هنا ( فإن لم يبين ) جهة التحمل ( ووثق القاضي بعلمه ) وموافقته له في هذه المسألة فيما يظهر ( فلا بأس ) إذ لا محذور نعم يسن له استفصاله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 274 ] فصل : تقبل الشهادة على الشهادة في غير عقوبة إلخ ) . ( قوله : وحد الحاكم لفلان على نحو زناه ) عبارة الروض وشرحه : وتقبل في أنه قد حد ؛ لأنه حق آدمي فإنه إسقاط للحد عنه ا هـ . ( قوله : نعم لو سمعه يسترعي غيره إلخ ) يجوز أن يجعل هذا طريقا رابعا ويجوز أن يكون من أفراد الاسترعاء بأن يجعل الاسترعاء عبارة عن الإذن له أو لغيره وقوله : جاز له الشهادة على شهادته أي : كما هو ظاهر بشرط بيان جهة التحمل كأشهد أن فلانا [ ص: 275 ] يشهد بكذا وسمعته يشهد زيدا على شهادته فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في الشهادة على الشهادة ) ( قوله : في الشهادة على الشهادة ) أي : وما يتعلق بها كقبول التزكية من الفرع ع ش . ( قوله : لله تعالى ) إلى الفصل في النهاية إلا قوله وحد الحاكم لفلان على نحو زنا وقوله : وهل يتعين إلى المتن وقوله : ويرد إلى المتن وقوله : ويتجه إلى وليس ما ذكر . ( قوله : من حقوق الآدمي ) كالأقارير والعقود والفسوخ والرضاع والولادة وعيوب النساء مغني وروض مع شرحه . ( قوله : كزكاة ) أي : ووقف المساجد والجهات العامة أسنى ومغني . ( قوله : وحد الحاكم لفلان إلخ ) عبارة الروض مع شرحه وتقبل في أنه قد حد ؛ لأنه حق لآدمي فإنه إسقاط للحد انتهى ا هـ سم . ( قوله : وهلال نحو رمضان ) أي : للصوم وذي الحجة للحج مغني . ( قوله : للحاجة إلخ ) ولعموم قوله تعالى { وأشهدوا ذوي عدل منكم } .

                                                                                                                              ( فرع ) يجوز إشهاد الفرع على شهادته كما يفهم من إطلاق المتن وصرح به الصيمري وغيره أسنى ومغني . ( قوله : بخلاف عقوبة ) إلى قوله لكن بحث البلقيني في المغني . ( قوله : بخلاف عقوبة لله تعالى ) كان ينبغي تأخيره عن قول المصنف الآتي وفي عقوبة لآدمي على المذهب رشيدي . ( قوله : بخلاف عقوبة ) أي : موجب عقوبة ا هـ ع ش . ( قوله : أو ما يتوقف عليه الإحصان ) أي : كالبلوغ مغني وكالنكاح الصحيح ع ش . ( قوله : لذلك ) أي : لإمكان الرجوع . ( قوله : وذلك ) أي : عدم قبولها في عقوبة لله تعالى . ( قوله : كقود ) إلى قوله وهل يتعين في المغني إلا قوله ونحو ذلك وقوله : بما يريد أن يتحمله عنه وقوله : أو يجوز إلى إذ لا يؤدي . ( قوله : إنما يحصل إلخ ) خبر وتحملها ع ش . ( قوله : وضبطها ) عطف تفسير . ( قوله : فاعتبر فيها إذن المندوب عنه ) ولهذا لو قال بعد التحمل لا تؤد عني امتنع عليه الأداء روض مع شرحه . ( قوله : مما يأتي ) أي : من أن يسمعه يشهد عند نحو حاكم أو يبين السبب . ( قوله : جاز له ) أي : للسامع . ( قوله : وإن لم يسترعه إلخ ) الواو حالية . ( قوله : ونحوه ) كأعلمك وأخبرك روض ومغني وأعرف وأعلم وخبير ع ش . ( قول المتن بكذا ) أي : بأن لفلان على فلان كذا مغني . ( قوله : بما يريد إلخ ) ليس بقيد . ( قوله : أو محكم ) سواء جوزنا التحكيم أم لا أسنى ومغني وكذا لو كان حاكما أو محكما فشهدا عنده ولم يحكم جاز له أن يشهد على شهادتهما ؛ لأنه إذا جاز لغيره أن يشهد عليهما بذلك فهو أولى مغني .

                                                                                                                              ( قوله : قال البلقيني أو نحو أمير إلخ ) عبارة المغني وينبغي كما قال ابن شهبة الاكتفاء بأداء الشهادة عند أمير أو وزير بناء على تصحيح المصنف وجوب أدائها عنده على ما مر لأن الشاهد لا يتقدم على ذلك عند الوزير أو الأمير إلا وهو جازم بثبوت المشهود به قال [ ص: 275 ] البلقيني : وكذلك إذا شهد عند الكبير الذي دخل في القضية بغير تحكيم ويجوز تحمل الشهادة على المقر وإن لم يسترعه وعلى الحاكم إذا قال في محل حكمه حكمت بكذا وإن لم يسترعه وألحق به البغوي إقراره بالحكم ا هـ . ( قوله : أي : تجوز الشهادة إلخ ) أي : بأن توقف خلاص الحق على الأداء عنده ع ش . ( قوله : بأن يبين السبب ) أي : سبب الشهادة شرح المنهج وأحسن منه عبارة شرح الروض أي : سبب الوجوب ا هـ . ( قوله : للسبب ) أي : إليه ع ش . ( قوله : هنا ) أي : في الثالث وقوله : وقياس ما سبق أي : من الأول والثاني . ( قول المتن وفي هذا وجه ) يشعر بأن ما قبل الأخير وهو الشهادة عند قاض لا خلاف فيه وليس مرادا بل فيه وجه بعدم الكفاية أيضا مغني . ( قوله : لأحجم ) بتقديم الحاء على الجيم وبالعكس أي : امتنع من الشهادة ع ش أي : وادعى أنه وعد لا شهادة حفني . ( قول المتن أو عندي شهادة إلخ ) أي : ونحو ذلك من صور الشهادة في معرض الأخبار مغني .

                                                                                                                              ( قوله : لاحتمال هذه الألفاظ الوعد إلخ ) أي : لاحتمال أن يريد أن له عليه ذلك من جهة وعد وعده إياه ويشير بكلمة على إلى أن مكارم الأخلاق تقتضي الوفاء مغني . ( قوله : كثيرا ) لا حاجة إليه . ( قوله : كأشهد ) إلى قوله أي : باعتبار إلخ في المغني إلا قوله وموافقته إلى المتن وما أنبه عليه . ( قوله : وأشهدني ) أي : على شهادته مغني . ( قوله : عند قاض ) أي : أو محكم أسنى ومغني أي : أو أمير أو وزير . ( قوله : لا يحسنها ) أي : جهة التحمل مغني . ( قول المتن فإن لم يبين ) كقوله أشهد على شهادة فلان بكذا مغني وقوله : ووثق القاضي أي : أو المحكم أسنى وقوله : بعلمه أي : بمعرفته شرائط التحمل مغني . ( قوله : وموافقته له ) أي : مع موافقته إلخ . ( قوله : فلا بأس ) أي : جاز أن يكتفى بقوله أشهد على شهادة فلان بكذا أسنى . ( قوله : يسن له ) أي : للقاضي أو المحكم أسنى . ( قوله : استفصاله ) أي : أن يسأله بأي سبب ثبت هذا المال وهل أخبرك به الأصل أم لا مغني وأسنى




                                                                                                                              الخدمات العلمية