الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم

التفريع على جملة أن الله بريء من المشركين ، فيتفرع على ذلك حالتان : حالة التوبة وحالة التولي .

[ ص: 111 ] والخطاب للمشركين الذين أوذنوا بالبراءة ، والمعنى : فإن آمنتم فالإيمان خير لكم من العهد الذي كنتم عليه ; لأن الإيمان فيه النجاة في الدنيا والآخرة ، والعهد فيه نجاة الدنيا لا غير . والمراد بالتولي : الإعراض عن الإيمان . وأريد بفعل " توليتم " معنى الاستمرار ، أي إن دمتم على الشرك فاعلموا أنكم غير مفلتين من قدرة الله ، أي اعلموا أنكم قد وقعتم في مكنة الله ، وأوشكتم على العذاب .

وجملة وبشر الذين كفروا بعذاب أليم معطوفة على جملة وأذان من الله ورسوله لما تتضمنه تلك الجملة من معنى الأمر ، فكأنه قيل : فآذنوا الناس ببراءة الله ورسوله من المشركين ، وبأن من تاب منهم فقد نجا ومن أعرض فقد أوشك على العذاب ، ثم قال : وبشر المعرضين المشركين بعذاب أليم .

والبشارة أصلها الإخبار بما فيه مسرة ، وقد استعيرت هنا للإنذار ، وهو الإخبار بما يسوء ، على طريقة التهكم ، كما تقدم في قوله تعالى : فبشرهم بعذاب أليم في سورة آل عمران .

والعذاب الأليم : هو عذاب القتل والأسر والسبي ، وفيء الأموال ، كما قال تعالى : وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين فإن تعذيبهم يوم حنين بعضه بالقتل ، وبعضه بالأسر والسبي وغنم الأموال ، أي : أنذر المشركين بأنك مقاتلهم وغالبهم بعد انقضاء الأشهر الحرم ، كما يدل عليه قوله : فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية