الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين عطف على فسيحوا داخل في حكم التفريع ; لأنه لما أنبأهم بالأمان في أربعة الأشهر عقبه بالتخويف من بأس الله احتراسا من تطرق الغرور ، وتهديدا بأن لا [ ص: 107 ] يطمئنوا من أن يسلط الله المسلمين عليهم في غير الأشهر الحرم ، وإن قبعوا في ديارهم .

وافتتاح الكلام بـ واعلموا للتنبيه على أنه مما يحق وعيه ، والتدبر فيه ، كقوله : واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه في سورة الأنفال ، وقد تقدم التنبيه عليه .

والمعجز اسم فاعل من أعجز فلانا إذا جعله عاجزا عن عمل ما ، فلذلك كان بمعنى الغالب والفائت ، الخارج عن قدرة أحد ، فالمعنى : أنكم غير خارجين عن قدرة الله ، ولكنه أمنكم وإذا شاء أوقعكم في الخوف والبأس .

وعطف قوله : وأن الله مخزي الكافرين على قوله : أنكم غير معجزي الله فهو داخل في عمل واعلموا فمقصود منه وعيه والعلم به كما تقدم آنفا .

وكان ذكر الكافرين إخراجا على خلاف مقتضى الظاهر : لأن مقتضى الظاهر أن يقول : وإن الله مخزيكم ، ووجه تخريجه على الإظهار الدلالة على سببية الكفر في الخزي .

والإخزاء : الإذلال . والخزي بكسر الخاء الذل والهوان ، أي مقدر للكافرين الإذلال : بالقتل ، والأسر ، وعذاب الآخرة ، ما داموا متلبسين بوصف الكفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية