الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 298 ] القول في تأويل قوله ( ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين ( 152 ) )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : " ولقد عفا عنكم " ، ولقد عفا الله أيها المخالفون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتاركون طاعته فيما تقدم به إليكم من لزوم الموضع الذي أمركم بلزومه عنكم ، فصفح لكم من عقوبة ذنبكم الذي أتيتموه ، عما هو أعظم مما عاقبكم به من هزيمة أعدائكم إياكم ، وصرف وجوهكم عنهم ، إذ لم يستأصل جمعكم ، كما : -

8043 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن مبارك ، عن الحسن ، في قوله : " ولقد عفا عنكم " ، قال : قال الحسن ، وصفق بيديه : وكيف عفا عنهم ، وقد قتل منهم سبعون ، وقتل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكسرت رباعيته ، وشج في وجهه ؟ قال : ثم يقول : قال الله عز وجل : "قد عفوت عنكم إذ عصيتموني ، أن لا أكون استأصلتكم " . قال : ثم يقول الحسن : هؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي سبيل الله غضاب لله ، يقاتلون أعداء الله ، نهوا عن شيء فصنعوه ، فوالله ما تركوا حتى غموا بهذا الغم ، فأفسق الفاسقين اليوم يتجرثم كل كبيرة ، ويركب كل داهية ، ويسحب عليها ثيابه ، ويزعم أن لا بأس عليه!! فسوف يعلم .

8044 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : " ولقد عفا عنكم " ، قال : لم يستأصلكم . [ ص: 299 ]

8045 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " ولقد عفا عنكم " ، ولقد عفا الله عن عظيم ذلك ، لم يهلككم بما أتيتم من معصية نبيكم ، ولكن عدت بفضلي عليكم .

وأما قوله : " والله ذو فضل على المؤمنين " ، فإنه يعني : والله ذو طول على أهل الإيمان به وبرسوله ، بعفوه لهم عن كثير ما يستوجبون به العقوبة عليه من ذنوبهم ، فإن عاقبهم على بعض ذلك ، فذو إحسان إليهم بجميل أياديه عندهم . كما : -

8046 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين " ، يقول : وكذلك من الله على المؤمنين ، أن عاقبهم ببعض الذنوب في عاجل الدنيا أدبا وموعظة ، فإنه غير مستأصل لكل ما فيهم من الحق له عليهم ، لما أصابوا من معصيته ، رحمة لهم وعائدة عليهم ، لما فيهم من الإيمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية