الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 271 ] ( ويسر لي أمري ( 26 ) واحلل عقدة من لساني ( 27 ) يفقهوا قولي ( 28 ) واجعل لي وزيرا من أهلي ( 29 ) هارون أخي ( 30 ) اشدد به أزري ( 31 ) وأشركه في أمري ( 32 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( ويسر لي أمري ) أي : سهل علي ما أمرتني به من تبليغ الرسالة إلى فرعون . ( واحلل عقدة من لساني ) وذلك أن موسى كان في حجر فرعون ذات يوم في صغره ، فلطم فرعون لطمة وأخذ بلحيته ، فقال فرعون لآسية امرأته : إن هذا عدوي . وأراد أن يقتله ، فقالت آسية : إنه صبي لا يعقل ولا يميز . وفي رواية أن أم موسى لما فطمته ردته ، فنشأ موسى في حجر فرعون وامرأته آسية يربيانه ، واتخذاه ولدا ، فبينما هو يلعب يوما بين يدي فرعون وبيده قضيب يلعب به إذ رفع القضيب فضرب به رأس فرعون فغضب فرعون وتطير بضربه ، حتى هم بقتله ، فقالت آسية : أيها الملك إنه صغير لا يعقل فجربه إن شئت ، وجاءت بطشتين : في أحدهما الجمر ، وفي الآخر الجواهر ، فوضعتهما بين يدي موسى فأراد أن يأخذ الجواهر ، فأخذ جبريل بيد موسى فوضعها على النار فأخذ جمرة فوضعها في فمه فاحترق لسانه وصارت عليه عقدة . ( يفقهوا قولي ) يقول : احلل العقدة كي يفقهوا كلامي . ( واجعل لي وزيرا ) معينا وظهيرا ، ( من أهلي ) والوزير من يوازرك ويعينك ويتحمل عنك بعض ثقل عملك ، ثم بين من هو فقال : ( هارون أخي ) وكان هارون أكبر من موسى بأربع سنين ، وكان أفصح منه لسانا وأجمل وأوسم ، وأبيض اللون ، وكان موسى آدم أقنى جعدا . ( اشدد به أزري ) قو به ظهري . ( وأشركه في أمري ) أي : في النبوة وتبليغ الرسالة ، وقرأ ابن عامر " أشدد " بفتح الألف " وأشركه " بضمها على الجواب ، حكاية عن موسى ، أي : أفعل ذلك ، وقرأ الآخرون على الدعاء [ ص: 272 ] والمسألة ، عطفا على ما تقدم من قوله : ( قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري )

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية