الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            25 - 34 - 8 - [ ص: 205 ] ( باب في سرية إلى رعية السحيمي )

                                                                                            10348 - عن الشعبي عن رعية السحيمي ، قال : كتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أديم أحمر ، فأخذ كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فرقع به دلوه ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فلم يدعوا له سارحة ولا رائحة ، ولا أهلا ولا مالا إلا أخذوه . وانفلت عريانا على فرس له ليس عليه سترة حتى ينتهي إلى ابنته وهي متزوجة في بني هلال ، وقد أسلمت ، وأسلم أهلها ، وكان مجلس القوم بفناء بيتها فدار حتى دخل عليها من وراء البيت .

                                                                                            فلما رأته ألقت عليه [ ثوبا ] ، قالت : ما لك ؟ قال : كل الشر قد نزل بأبيك ، ما ترك له سارحة ولا رائحة ، ولا أهل ولا مال [ إلا وقد أخذ ] ، قالت : دعيت إلى الإسلام ، قال : أين بعلك ؟ قالت : في الإبل ، قال : فأتاه ، قال : ما لك ؟ فقال : كل الشر قد نزل به ، ما ترك له رائحة ولا سارحة ، ولا أهل ولا مال إلا أخذ ، وأنا أريد أن آتي محمدا أبادره قبل أن يقسم مالي وأهلي ، قال : خذ راحلتي برحلها ، قال : لا حاجة لي فيها .

                                                                                            قال : فأخذ قعود الراعي ، وزوده إداوة من ماء ، فخرج وعليه ثوب إذا غطى وجهه خرجت استه ، وإذا غطى استه خرج وجهه ، وهو يكره أن يعرف حتى انتهى إلى المدينة فعقل راحلته ، ثم أتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان بحذائه حيث يقيل ، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر ، قال : يا رسول الله ، ابسط يدك أبايعك ، قال : فبسطها ، فلما أراد أن يضرب عليها قبضها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ففعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا ويفعله . فلما كانت الثالثة ، قال : " من أنت ؟ " . قال : أنا رعية السحيمي ، قال : فتناول النبي - صلى الله عليه وسلم - عضده ثم رفعه ثم قال : " يا معشر المسلمين ، هذا رعية السحيمي الذي كتبت إليه فأخذ كتابي فرقع به دلوه " فأخذ يتضرع إليه ، قلت : يا رسول الله ، أهلي ومالي . قال : " أما مالك فقد قسم ، وأما أهلك فمن قدرت عليه منهم " .

                                                                                            فإذا ابنه قد عرف الراحلة وهو قائم عندها فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، هذا ابني ، فقال : " يا بلال ، اخرج معه فسله : أبوك هذا ؟ فإن قال نعم ، فادفعه إليه " . فخرج إليه ، قال : أبوك هذا ؟ قال : نعم . فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، ما رأيت أحدا استعبر لصاحبه ، قال : " ذاك جفاء الأعراب
                                                                                            " .

                                                                                            رواه أحمد بإسنادين ، أحدهما رجاله رجال الصحيح ، وهو هذا ، والآخر مرسل عن أبي عمرو الشيباني ، [ ص: 206 ] ولم يقل عن رعية ، والطبراني .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية