الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وربك الغفور ذو الرحمة

                                                                                                                                                                                                                                      ، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه غفور ، أي : كثير المغفرة ، وأنه ذو الرحمة يرحم عباده المؤمنين يوم القيامة ، ويرحم الخلائق في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وبين في مواضع أخر : أن هذه المغفرة شاملة لجميع الذنوب بمشيئته جل وعلا إلا الشرك ، كقوله : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ 4 \ 48 ] ، وقولـه : إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة [ 5 \ 72 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وبين في موضع آخر : أن رحمته واسعة ، وأنه سيكتبها للمتقين ، وهو قوله : ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة [ 7 \ 156 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وبين في مواضع أخر سعة مغفرته ورحمته : كقوله : إن ربك واسع المغفرة [ 53 \ 32 ] ، وقولـه : إن الله يغفر الذنوب جميعا [ 39 \ 53 ] ، ونحو ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      وبين في مواضع أخر أنه مع سعة رحمته ومغفرته شديد العقاب ، كقوله : وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب [ 13 \ 6 ] ، وقولـه : غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب [ 40 \ 3 ] ، وقولـه تعالى : نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم [ 15 \ 49 - 50 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب

                                                                                                                                                                                                                                      ، بين في هذه الآية الكريمة : أنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا من الذنوب كالكفر والمعاصي لعجل لهم العذاب لشناعة ما يرتكبونه ، ولكنه حليم لا يعجل بالعقوبة ، فهو يمهل ولا يهمل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر ، كقوله : ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة [ 16 \ 61 ] ، وقولـه : ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة [ 35 \ 45 ] ، وقد قدمنا هذا في سورة " النحل " مستوفى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية