الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 569 ] القول في تأويل قوله ( قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ( 84 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : " أفغير دين الله تبغون " يا معشر اليهود ، " وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون " فإن ابتغوا غير دين الله ، يا محمد ، فقل لهم : " آمنا بالله " فترك ذكر قوله : " فإن قالوا : نعم " أو ذكر قوله : " فإن ابتغوا غير دين الله " لدلالة ما ظهر من الكلام عليه .

وقوله : " قل آمنا بالله " يعني به : قل لهم ، يا محمد ، : صدقنا بالله أنه ربنا وإلهنا ، لا إله غيره ، ولا نعبد أحدا سواه " وما أنزل علينا " يقول : وقل : وصدقنا أيضا بما أنزل علينا من وحيه وتنزيله ، فأقررنا به " وما أنزل على إبراهيم " يقول : وصدقنا أيضا بما أنزل على إبراهيم خليل الله ، وعلى ابنيه إسماعيل وإسحاق ، وابن ابنه‌ يعقوب وبما أنزل على " الأسباط " وهم ولد يعقوب الاثنا عشر ، وقد بينا أسماءهم بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . " وما أوتي موسى وعيسى " يقول : وصدقنا أيضا مع ذلك بالذي أنزل الله على موسى وعيسى من الكتب والوحي ، وبما أنزل على النبيين من عنده .

والذي آتى الله موسى وعيسى مما أمر الله - عز وجل - محمدا بتصديقهما فيه ، والإيمان به التوراة التي آتاها موسى ، والإنجيل الذي أتاه عيسى .

" لا نفرق بين أحد منهم " يقول : لا نصدق بعضهم ونكذب بعضهم ، [ ص: 570 ] ولا نؤمن ببعضهم ونكفر ببعضهم ، كما كفرت اليهود والنصارى ببعض أنبياء الله وصدقت بعضا ، ولكنا نؤمن بجميعهم ، ونصدقهم " ونحن له مسلمون " . يعني : ونحن ندين لله بالإسلام لا ندين غيره ، بل نتبرأ إليه من كل دين سواه ، ومن كل ملة غيره .

ويعني بقوله : " ونحن له مسلمون " . ونحن له منقادون بالطاعة ، متذللون بالعبودة ، مقرون له بالألوهة والربوبية ، وأنه لا إله غيره . وقد ذكرنا الرواية بمعنى ما قلنا في ذلك فيما مضى ، وكرهنا إعادته .

التالي السابق


الخدمات العلمية