الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ( 11 ) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ( 12 ) وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ( 13 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإذا قيل ) قرأ الكسائي : قيل " و " غيض " و جيء و حيل و سيق و سيئت بروم أوائلهن الضم - ووافق ابن عامر في سيق " و " حيل و سيء و سيئت - ووافق أهل المدينة في سيء وسيئت لأن أصلها قول بضم القاف وكسر الواو مثل قتل وكذلك في أخواته فأشير إلى الضمة لتكون دالة على الواو المنقلبة وقرأ الباقون بكسر أوائلهن استثقلوا الحركة على الواو فنقلوا كسرتها إلى فاء الفعل وانقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها ( وإذا قيل لهم ) يعني للمنافقين وقيل لليهود أي قال لهم المؤمنون ( لا تفسدوا في الأرض ) بالكفر وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن . وقيل معناه لا تكفروا والكفر أشد فسادا في الدين ( قالوا إنما نحن مصلحون ) يقولون هذا القول كذبا كقولهم آمنا وهم كاذبون

                                                                                                                                                                                                                                      ( ألا ) كلمة تنبيه ينبه بها المخاطب ( إنهم هم المفسدون ) أنفسهم بالكفر والناس بالتعويق عن الإيمان ( ولكن لا يشعرون ) أي لا يعلمون أنهم مفسدون لأنهم يظنون أن الذي هم عليه من إبطان الكفر صلاح . وقيل لا يعلمون ما أعد الله لهم من العذاب . [ ص: 67 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإذا قيل لهم ) أي للمنافقين وقيل لليهود ( آمنوا كما آمن الناس ) عبد الله بن سلام وغيره من مؤمني أهل الكتاب وقيل كما آمن المهاجرون والأنصار ( قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ) أي الجهال فإن قيل كيف يصح النفاق مع ( المجاهرة ) بقولهم أنؤمن كما آمن السفهاء قيل إنهم كانوا يظهرون هذا القول فيما بينهم لا عند المؤمنين . فأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بذلك فرد الله عليهم فقال ( ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ) أنهم كذلك فالسفيه خفيف العقل رقيق الحلم من قولهم ثوب سفيه أي رقيق وقيل السفيه الكذاب الذي يتعمد ( الكذب ) بخلاف ما يعلم

                                                                                                                                                                                                                                      قرأ أهل الكوفة والشام ( السفهاء ألا ) بتحقيق الهمزتين وكذلك كل همزتين وقعتا في كلمتين اتفقتا أو اختلفتا والآخرون يحققون الأولى ويلينون الثانية في المختلفتين طلبا للخفة فإن كانتا متفقتين مثل هؤلاء وأولياء ، وأولئك وجاء أمر ربك - قرأها أبو عمرو والبزي عن ابن كثير بهمزة واحدة وقرأ أبو جعفر وورش والقواش ويعقوب بتحقيق الأولى وتليين الثانية وقرأ قالون بتليين الأولى وتحقيق الثانية لأن ما يستأنف أولى بالهمزة مما يسكت عليه

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية