الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              [ ص: 3 ] مقدمة الطبري شيخ الدين

                                                                                                                                                                                                              فجاء فيه بالعجب العجاب ، ونثر فيه ألباب الألباب ، وفتح فيه لكل من جاء بعده إلى معارفه الباب ; فكل أحد غرف منه على قدر إنائه ، وما نقصت قطرة من مائه ، وأعظم من انتقى منه الأحكام بصيرة : القاضي أبو إسحاق ، فاستخرج دررها ، واستحلب دررها ، وإن كان قد غير أسانيدها لقد ربط معاقدها ، ولم يأت بعدهما من يلحق بهما .

                                                                                                                                                                                                              ولما من الله سبحانه بالاستبصار في استثارة العلوم من الكتاب العزيز حسب ما مهدته لنا المشيخة الذين لقينا ، نظرناها من ذلك المطرح ، ثم عرضناها على ما جلبه العلماء ، وسبرناها بعيار الأشياخ .

                                                                                                                                                                                                              فما اتفق عليه النظر أثبتناه ، وما تعارض فيه شجرناه ، وشحذناه حتى خلص نضاره وورق عراره .

                                                                                                                                                                                                              فنذكر الآية ، ثم نعطف [ ص: 4 ] على كلماتها بل حروفها ، فنأخذ بمعرفتها مفردة ، ثم نركبها على أخواتها مضافة ، ونحفظ في ذلك قسم البلاغة ، ونتحرز عن المناقضة في الأحكام والمعارضة ، ونحتاط على جانب اللغة ، ونقابلها في القرآن بما جاء في السنة الصحيحة ، ونتحرى وجه الجميع ; إذ الكل من عند الله ، وإنما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ليبين للناس ما نزل إليهم ، ونعقب على ذلك بتوابع لا بد من تحصيل العلم بها منها ، حرصا على أن يأتي القول مستقلا بنفسه ، إلا أن يخرج عن الباب فنحيل عليه في موضوعه مجانبين للتقصير والإكثار ، وبمشيئة الله نستهدي ، فمن يهد الله فهو المهتدي لا رب غيره .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية