الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والحال الثالثة : أن تجمع في تركته حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين فهذا على أربعة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن تكون حقوق الله تعالى متعلقة بالعين ، وحقوق الآدميين مختصة بالذمة ، فيقدم حق الله تعالى المتعلق بالعين على حقوق الآدميين المتعلقة بالذمة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون حقوق الله تعالى متعلقة بالذمة وحقوق الآدميين متعلقة بالعين ، فيقدم حقوق الآدميين على حقوق الله تعالى .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : أن تكون حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين متعلقة بالذمة ، ففيها ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                            أحدها : أن حقوق الله تعالى مقدمة على حقوق الآدميين لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فدين الله أحق أن يقضى ولأنها حقوق لا تسقط بالإبراء ، فكانت أوكد من حقوق الآدميين الساقطة بالإبراء .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن حقوق الآدميين مقدمة على حقوق الله تعالى لأمرين :

                                                                                                                                            [ ص: 335 ] أحدهما : أن نفوس الآدميين أشح ، والله تعالى بحقوقه أسمح ، ولذلك جعل لها أبدالا وأسقطها بالشبهات .

                                                                                                                                            والثاني : أن مستحقيها متعينون ، وحقوق الله تعالى لا يتعين مستحقها ، وما تعين مستحقه أوكد .

                                                                                                                                            والقول الثالث : أن كلا الحقين سواء لاشتراكهما في الوجوب وتساويهما في الاستحقاق ، فتقسط التركة بينهما على قدر الحقين .

                                                                                                                                            والضرب الرابع : أن تكون حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين متعلقة بالعين ، فإن تغايرت اختصت كل عين بمستحقها ، وإن اتفقت في عين واحدة فقد أشار أبو علي بن أبي هريرة إلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يكون على الأقاويل الثلاثة كالمتعلق بالذمة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يقدم فيها حقوق الآدميين على حقوق الله تعالى قولا واحدا ؛ لأنها في أيديهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية