الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما اليربوع فيؤكل ، وقد حكم فيه عمر - رضي الله عنه - على المحرم بحفرة ، وقيل : إنه فأر البر فيؤكل ، وإن لم يؤكل فأر المدن ، قد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الفأرة ، ولم يأمر بقتل اليربوع .

                                                                                                                                            [ ص: 140 ] فأما السنور فضربان : أهلي ووحشي .

                                                                                                                                            فأما الأهلي فحرام لا يؤكل ، لرواية جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل السنور ، وعن أكل ثمنها ، ولأنها تأكل حشرات الأرض ، فكانت من الخبائث .

                                                                                                                                            وأما السنور البري ففي إباحة أكله وجهان كابن آوى :

                                                                                                                                            أحدهما : يؤكل وهو مقتضى تعليل الشافعي ، لأنه لا يبتدئ بالعدوى .

                                                                                                                                            والثاني : لا يؤكل ، وهو مقتضى تعليل المروزي ، لأنه يعيش بأنيابه .

                                                                                                                                            قال الشافعي : ويؤكل الوبر والقنفذ والوبر دويبة سوداء أكبر من ابن عرس . وفي أكل ابن عرس وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يؤكل ، على مقتضى تعليل الشافعي .

                                                                                                                                            والثاني : لا يؤكل ، على مقتضى تعليل المروزي .

                                                                                                                                            فإن قيل : فكيف أبحتم أكل القنفذ ؟ وقد روى أبو هريرة أنها ذكرت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : خبيثة من الخبائث .

                                                                                                                                            [ ص: 141 ] قيل : يحتمل إن صح الحديث على أنها خبيثة الفعل دون اللحم ، لما فيه من إخفاء رأسه عند التعرض لذبحه ، وإبداء شوكه عند أخذه .

                                                                                                                                            فأما أم حبين ففي إباحة أكلها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : تؤكل ، وهو مقتضى كلام تعليل الشافعي ، وقد نص على أن فيه الجزاء .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنها لا تؤكل ، وهو مقتضى تعليل المروزي ، وقد قال فيها البدوي ما قال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية