الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            13827 وعن ابن عباس قال : توفي ابن لصفية ، عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبكت عليه وصاحت ، فأتاها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها : " يا عمة ، ما يبكيك ؟ " . قالت : توفي ابني . قال : " يا عمة ، من توفي له ولد في الإسلام فصبر بنى الله له بيتا في الجنة " . فسكتت . ثم خرجت من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستقبلها عمر بن الخطاب فقال : يا صفية ، قد سمعت صراخك ، إن قرابتك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لن تغني عنك من الله شيئا . فبكت فسمعها النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يكرمها ويحبها فقال : " يا عمة ، أتبكين وقد قلت لك ما قلت ؟ " . قالت : ليس ذاك أبكاني يا رسول الله ، استقبلني عمر بن الخطاب فقال : إن قرابتك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لن تغني عنك من الله شيئا . قال : فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : " يا بلال ، هجر بالصلاة " . فهجر بلال بالصلاة ، فصعد المنبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع ؟ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ، فإنها موصولة في الدنيا والآخرة " . فقال عمر : فتزوجت أم كلثوم بنت علي - رضي الله عنه - لما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ أحببت أن يكون لي منه سبب ونسب . ثم خرجت من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمررت على نفر من قريش فإذا هم يتفاخرون ويذكرون أمر الجاهلية ، فقلت : منا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقالوا : إن الشجرة لتنبت في الكبا . وقال : فمررت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فقال : " يا بلال ، هجر بالصلاة " . فحمد الله وأثنى عليه [ ص: 217 ] ثم قال : " يا أيها الناس ، من أنا ؟ " . قالوا : أنت رسول الله . قال : " انسبوني " . قالوا : أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب . قال : " أجل ، أنا محمد بن عبد الله ، وأنا رسول الله ، فما بال أقوام يبتذلون أصلي ؟ فوالله لأنا أفضلهم أصلا وخيرهم موضعا " . قال : فلما سمعت الأنصار بذلك قالت : قوموا فخذوا السلاح ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أغضب . قال : فأخذوا السلاح ثم أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرى منهم إلا الحدق ، حتى أحاطوا بالناس فجعلوهم في مثل الحرة ، حتى تضايقت بهم أبواب المساجد والسكك ، ثم قاموا بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله ، لا تأمرنا بأحد إلا أبرنا عترته . فلما رأى النفر من قريش ذلك ، قاموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعتذروا وتنصلوا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الناس دثار والأنصار شعار " . فأثنى عليهم وقال خيرا . رواه البزار ، وفيه إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل وهو متروك .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية