الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        233 - الحديث الرابع : عن عمران بن حصين قال { أنزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى . ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل قرآن يحرمها ، ولم ينه عنها حتى مات . قال رجل برأيه ما شاء } قال البخاري " يقال : إنه عمر " . ولمسلم { نزلت آية المتعة - يعني متعة الحج - وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات } ولهما بمعناه .

                                        التالي السابق


                                        يراد بآية المتعة : قوله تعالى { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } وفي الحديث إشارة إلى جواز نسخ القرآن بالسنة ; لأن قوله [ ص: 464 ] ولم ينه عنها " نفي منه لما يقتضي رفع الحكم بالجواز الثابت بالقرآن فلو لم يكن هذا الرفع ممكنا لما احتاج إلى قوله " ولم ينه عنها " ومراده بنفي نسخ القرآن : الجواز ، وينفي ورود السنة بالنهي : تقرر الحكم ودوامه . إذ لا طريق لرفعه إلا أحد هذين الأمرين . وقد يؤخذ منه : أن الإجماع لا ينسخ به . إذ لو نسخ به لقال : ولم يتفق على المنع ; لأن الاتفاق حينئذ يكون سببا لرفع الحكم . فكان يحتاج إلى نفيه ، كما نفي نزول القرآن بالنسخ . وورود السنة بالنهي



                                        وقوله " قال رجل برأيه ما شاء " هو كما ذكر في الأصل عن البخاري : أن المراد بالرجل عمر رضي الله عنه . وفيه دليل على أن الذي نهى عنه عمر : هو متعة الحج المشهورة . وهو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج ، ثم الحج في عامه ، خلافا لمن حمله على أن المراد : المتعة بفسخ الحج إلى العمرة ، أو لمن حمله على متعة النساء ; لأن شيئا من هاتين المتعتين لم ينزل قرآن بجوازه . والنهي المذكور قد قيل فيه : إنه نهي تنزيه . وحمل على الأولى والأفضل . وحذرا أن يترك الناس الأفضل ، ويتتابعوا على غيره ، طلبا للتخفيف على أنفسهم .




                                        الخدمات العلمية