الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3779 - وعن خزيم بن فاتك رضي الله عنه ، قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح ، فلما انصرف ، قام قائما ، فقال : " عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله . ثلاث مرات ، ثم قرأ : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به ) . رواه أبو داود ، وابن ماجه .

3780 - ورواه أحمد ، والترمذي عن أيمن بن خريم ، إلا أن ابن ماجه لم يذكر القراءة .

التالي السابق


3779 - ( وعن خريم رضي الله عنه ) : بضم خاء معجمة وفتح راء وسكون ياء ( ابن فاتك ) : بفاء بعدها ألف فتاء مثناة فوقية مكسورة ، كذا قاله ابن الأثير في جامع الأصول وقال المؤلف : هو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك ، عداده في الشاميين ، وقيل في الكوفيين ، روى عنه جماعة . ( قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح ، فلما انصرف ) : أي : عن الصلاة ، أو عن مجلسه ( قام قائما ) : أي : وقف حال كونه قائما ، أو قام قياما . قالالطيبي : هو اسم الفاعل أقيم مقام المصدر ، وقد تقرر في علم المعاني أن في العدول عن الظاهر لا بد من نكتة ، فإذا وضع المصدر اسم الفاعل نظر إلى أن المعنى تجسم وانقلب ذاتا وعكسه في عكسه ، وكأن قيامه - صلى الله عليه وسلم - صار قائما على الإسناد المجازي ، كقولهم نهاره صائم وليله قائم ، وذلك يدل على عظم شأن ما قام له وتجلد وتشمر بسببه ، ( قال : عدلت شهادة الزور ) : بضم أوله ; أي : الكذب ( بالإشراك بالله ) : أي : جعلت الشهادة الكاذبة مماثلة للإشراك بالله في الإثم ; لأن الشرك كذب على الله بما لا يجوز ، وشهادة الزور كذب على العبد بما لا يجوز ، وكلاهما غير واقع في الواقع . قال الطيبي : والزور من الزور والازورار ، وهو الانحراف ، وإنما ساوى قول الزور الشرك ; لأن الشرك من باب الزور ، فإن المشرك زاعم أن الوثن يحق العبادة ( ثلاث مرات ) : أي : قالها ثلاث مرات للتأكيد والمبالغة في الوعيد ( ثم قرأ ) : أي : استشهادا واعتضادا ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) : من بيانية ; أي : النجس الذي هو الأصنام ) واجتنبوا قول الزور ) ; أي : قول الكذب الشامل لشهادة الزور . قال الطيبي : وفى التنزيل عطف قول الزور على عبادة الأوثان وكرر الفعل استقلالا فيما هو مجتنب عنه في كونهما من وادي الرجس الذي يجب أن يجتنب عنه ، وكأنه قال : فاجتنبوا عبادة الأوثان التي هي رءوس الرجس ، واجتنبوا قول الزور كله ، ولا تقربوا شيئا منه لتماديه في القبح والسماجة ، وما ظنك بشيء من قبيل عبادة الأوثان ، وسمى الأوثان رجسا على طريق التشبيه يعني أنكم كما تنفرون بطباعكم عن الرجس وتجتنبونه ، فعليكم أن تنفروا من شبيه الرجس مثل تلك النفرة ، وقرر هذا المعنى تقريرا بعد تقرير بقوله : ( حنفاء لله ) فإنه حال مؤكدة من الفاعل وأتبعه بقوله : ( غير مشركين به ) : دلالة على أن لا فرق بين الإشراك به ، وقول الزور وأنهما سيان في الرجس الذي يجب أن يجتنب عنه ، وفيه أن مراعاة حق العباد معادلة لحق الله تعالى اه . وقوله : حنفاء جمع حنيف ; أي : مائلين عن الباطل إلى الحق ، وقيل معناه مسلمين فقوله : غير مشركين بيان وتأكيد . ( رواه أبو داود ، وابن ماجه ) : أي : عن خريم .

3780 - ( ورواه أحمد " والترمذي عن أيمن ) : أي : ضد أيسر ( ابن خريم " إلا أن ابن ماجه لم يذكر القراءة ) : أي : قراءة الآية بخلاف الأئمة الثلاثة .




الخدمات العلمية