الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2344 - وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الشيطان قال : وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب عز وجل : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا أزال أغفر لهم ما استغفروني " . رواه أحمد .

التالي السابق


2344 - ( وعن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الشيطان ) أي : إبليس كما في رواية : ( قال : بعزتك يا رب ) ! أي : أقسم بعزتك التي لا ترام ، وفي رواية زيادة وجلالك ، وفيه إيماء إلى أنه رئيس الضلال ومظهر " الجلال " ، كما أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - مظهر العناية والجمال ، وسيد أهل الهداية والكمال ( لا أبرح ) أي : لا أزال ( أغوي عبادك ) : بني آدم بضم الهمزة وكسر الواو أي : أضلهم . ( ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب عز وجل : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني ) أي : علو مرتبتي ورفعة مكاني ( لا أزال ) : وفي رواية : لا أبرح ، والأولى أولى للتفنن وللتبيين ( أغفر لهم ما استغفروني ) .

قال الطيبي رحمه الله : فإن قلت : كيف المطابقة بين هذا الحديث ، وبين قوله تعالى : لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين فإن الآية دلت على أن المخلصين هم الناجون فحسب ، والحديث دال على أن غير المخلصين هم أيضا ناجون . قلت : قيد قوله تعالى : ممن تبعك أخرج العاصين المستغفرين منهم لأن المعنى في اتبعك : استمر على المتابعة ولم يرجع إلى الله ولم يستغفر . اهـ . وتبعه ابن حجر وقال : ولم يرجع إلى التوبة . والأظهر - والله أعلم - أن يقال في دفع هذا الإشكال الذي من أصله لأهل الاعتزال : أن المراد بالمخلصين الموحدون الذين أخلصهم الله من الشرك ، ولعل الحكمة في إيراد لفظ المخلصين تحصين الخوف في قلوب المخلصين من دخول النار مع الكافرين . ( رواه أحمد ) . وكذا ابن أبي شيبة في مصنفه .




الخدمات العلمية