الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1605 - عن جابر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بثلاثة أيام يقول : " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله " . رواه مسلم .

التالي السابق


1605 - ( وعن جابر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بثلاثة أيام ) يفيد كمال ضبط الراوي وإحكام المروي . ( يقول : " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ) أي : لا يموتن أحدكم في حال من الأحوال إلا في هذه الحالة ، وهي حسن الظن بالله ، بأن يغفر له ، فالنهي وإن كان في الظاهر عن الموت ، وليس إليه ذلك حتى ينتهي لكن في الحقيقة عن حالة ينقطع عندها الرجاء لسوء العمل كيلا يصادفه الموت عليها .

وفي الحديث حث على الأعمال الصالحة المقتضية لحسن الظن ، وفيه تنبيه على تأميل العفو ، وتحقيق الرجاء في روح الله في الحديث الصحيح : " أنا عند ظن عبدي بي فلا يظن بي إلا خيرا " . وفي رواية : " فليظن بي ما شاء " . قال النووي : قد تتبعت الأحاديث الصحيحة في الخوف والرجاء فوجدت أحاديث الرجاء أضعاف أحاديث الخوف مع ظهور الرجاء فيها قلت : لو لم يكن إلا حديث واحد وهو سبقت أو غلبت رحمتي على غضبي لكفى دليلا على ترجيح الرجاء ويعضده آية : ورحمتي وسعت كل شيء بل هو أمر مشاهد في عالم الوجود من غلبة آثار الرجاء على آثار الخوف ، واتفق الصوفية على أن العبادة على وجه الرجاء أفضل من الطاعة على طريق الخوف ، وأن الأول عبادة الأحرار ، والثاني طاعة العبيد ، ولذا قال - عليه الصلاة والسلام - : " أفلا أكون عبدا شكورا " . قال الطيبـي : أي : أحسنوا أعمالكم الآن حتى يحسن ظنكم بالله عند الموت ; فإن من ساء عمله قبل الموت يسوء ظنه عند الموت . قال الأشرف : الخوف والرجاء كالجناحين للسائر إلى الله - سبحانه وتعالى - لكن في الصحة ينبغي أن يغلب الخوف ليجتهد في الأعمال الصالحة ، وإذا جاء الموت وانقطع العمل ينبغي أن يغلب الرجاء وحسن الظن بالله ; لأن الوفادة حينئذ إلى ملك كريم رءوف . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية