الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1336 - وعن أنس رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى من المدينة إلى مكة ، فكان يصلي ركعتين ركعتين ، حتى رجعنا إلى المدينة ، قيل له : أقمتم بمكة شيئا ؟ قال : " أقمنا بها عشرا " . متفق عليه .

التالي السابق


1336 - ( وعن أنس قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة ) ، أي : متوجهين ( إلى مكة ) ، أي : لحجة الوداع على ما ذكره ابن حجر . ( فكان ) : وفي نسخة صحيحة : بالواو ( يصلي ركعتين ركعتين ) ، أي في الرباعية ( حتى رجعنا إلى المدينة ) ، أي : حتى قصر في مكة أيضا ( قيل له : أقمتم ) ، أي توقفتم ( بمكة شيئا ؟ ) ، أي : من الأيام . ( قال : " أقمنا بها عشرا ) : قال المظهر ، أي عشر ليال ، وقال ابن حجر ، أي من الليالي ، أو من الأيام ، وحذفت التاء ; لأن المعدود إذا حذف جاز حذفها وإثباتها اهـ .

والحديث بظاهره ينافي مذهب الشافعي من أنه إذا أقام أربعة أيام يجب الإتمام ، وقال أبو حنيفة : يقصر ما لم ينو الإقامة خمسة عشر يوما ، قال في الهداية : وهو مأثور عن ابن عباس ، وابن عمر ، قال ابن الهمام : أخرجه الطحاوي عنهما قالا : إذا قدمت بلدة وأنت مسافر ، وفي نفسك أن تقيم خمس عشرة ليلة فأكمل الصلاة بها ، وإن كنت لا تدري متى تظعن فاقصرها ، قال : والأثر في مثله كالخبر ; لأنه لا مدخل للرأي في المقدرات الشرعية .

وروى عبد الرزاق بسنده أن ابن عمر ، قال : ارتج علينا الثلج ، ونحن بأذربيجان ستة أشهر في غزاة ، فكنا نصلي ركعتين ، وفيه أنه كان مع غيره من الصحابة يفعلون ذلك ، وأخرج عبد الرزاق عن الحسن ، قال : كنا مع عبد الرحمن بن سمرة ببعض بلاد فارس سنين ، فكان لا يجمع ولا يزيد على ركعتين . وأخرج عن أنس بن مالك ، أنه كان مع عبد الملك بن مروان بالشام شهرين يصلي ركعتين ركعتين اهـ .

وقال ابن حجر قوله : بها أطلقه على ما ينسب إليها إذ لم يقم العشر التي أقامها لحجة الوداع بموضع واحد ; لأنه دخلها يوم الأحد ، وخرج منها صبيحة الخميس ، فأقام بمنى والجمعة بنمرة وعرفات ، ثم عاد السبت بمنى لقضاء نسكه ، ثم بمكة لطواف الإفاضة ، ثم بمنى يومه فأقام بها بقيته ، والأحد والاثنين والثلاثاء إلى الزوال ثم نفر ، فنزل بالمحصب وطاف في ليلته للوداع ، ثم رحل قبل صلاة الصبح ، فلتفرق إقامته قصر في الكل ، وبهذا أخذنا أن للمسافر إذا دخل محلا أن يقصر فيه ما لم يصل وطنه أو ينو إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج ، أو يقيمها . واستدلوا لذلك بخبر الصحيحين : يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا ، وكان يحرم على المهاجرين الإقامة بمكة ومساكنة الكفار كما روياه أيضا ، فالإذن في الثلاثة يدل على بقاء حكم السفر فيها بخلاف الأربعة ، ومن ثم صح عن عمر رضي الله عنه أنه منع أهل الذمة الإقامة بالحجاز ، ثم أذن لتاجرهم أن يقيم ثلاثا ، وفي معناها ما فوقها ودون الأربعة ه . ولا يخفى ما في مأخذ الاستدلال من الخفاء والله أعلم . ( متفق عليه ) : ورواه الأربعة ، قاله ميرك .

[ ص: 1001 ]



الخدمات العلمية