الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6212 - وعن أبي هريرة قال كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ نزلت سورة الجمعة فلما نزلت ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) . قالوا : من هؤلاء يا رسول الله ؟ قال : وفينا سلمان الفارسي . قال : فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده على سلمان ثم قال لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء . متفق عليه .

التالي السابق


6212 - ( وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كنا جلوسا ) ، أي : جالسين ( عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ نزلت سورة الجمعة ) بضم الجيم والميم ويسكن ( فلما نزلت وآخرين منهم لما يلحقوا بهم قال الطيبي : هذا على أن يكون آخرين عطفا على الأميين يعني أنه تعالى بعثه في الأميين الذين على عهده ، وفي آخرين من الأميين لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون بهم ، وهم بعد الصحابة - رضي الله عنهم - ( قالوا : من هؤلاء ) ، أي : وآخرين منهم ( يا رسول الله ؟ قال ) ، أي : أبو هريرة ( وفينا سلمان الفارسي ) ، بكسر الراء ويسكن ( قال ) ، أي : أبو هريرة ( فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده على سلمان ) ، أي : على كتفه ثم قال : ( " لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء " ) . قال الطيبي : جمع اسم الإشارة والمشار إليه سلمان وحده إرادة للجنس ، ويحتمل أن يراد بهم العجم كلهم لوقوعه مقابلا للأميين ، وهم العرب ، وأن يراد به أهل فارس . " ولو " ها هنا بمعنى " إن " لمجرد الفرض والتقدير على سبيل المبالغة .

قال المؤلف : سلمان الفارسي يكنى أبا عبد الله مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أصله من فارس من رامهرمز ، ويقال بها كان أصله من أصفهان من قرية يقال لها : حي . سافر يطلب الدين فدان أولا بدين النصرانية ، وقرأ الكتب وصبر في ذلك على مشقات متتالية ، فأخذه قوم من العرب فباعوه من اليهود ، ثم إنه كوتب فأعانه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في .

[ ص: 4006 ] كتابته ، ويقال : إنه تداوله بضعة عشر سيدا ، حتى أفضى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسلم لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وقال : " سلمان منا أهل البيت " وهو أحد الذين اشتاقت إليهم الجنة ، وكان من المعمرين قيل : عاش مائتين وخمسين سنة ، وقيل : ثلاثمائة وخمسين سنة ، والأول أصح . وكان يأكل من عمل يده ، ويتصدق بعطائه ، ومناقبه كثيرة وفضائله غزيرة ، وأثنى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ومدحه في كثير من الأحاديث ، ومات بالمدائن سنة خمس وثلاثين ، روى عنه أنس وأبو هريرة وغيرهما ( متفق عليه ) .

وفي الجامع " لو كان الإيمان عند الثريا لتناوله رجال من فارس " رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة ، ورواه أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة أيضا ولفظه " لو كان العلم معلقا بالثريا لتناوله قوم من أبناء فارس " .




الخدمات العلمية