الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6073 - وعن عبد الرحمن بن سمرة ، قال : جاء عثمان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بألف دينار في كمه حين جهز جيش العسرة ، فنثرها في حجره ، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقلبها في حجره ويقول : ( ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ) مرتين . رواه أحمد .

التالي السابق


6073 - ( وعن عبد الرحمن بن سمرة ) ، أي : القرشي ، أسلم يوم الفتح ، وصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه ابن عباس والحسن وخلق سواهما . ( قال : جاء عثمان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بألف دينار في كمه حين جهز ) : بتشديد الهاء أي : حين رتب وعاون ( جيش العسرة ، فنثرها ) ، أي : كبها ( في حجره ) بكسر الحاء وفتحه أي : ثوبه أو حضنه - صلى الله عليه وسلم - ( فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقلبها ) ، أي : الدنانير ( بيده في حجره ويقول : ( ما ضر عثمان ما عمل ) : فاعل ضر ، والمعنى لم يضر عثمان الذي عمل أي : من الذنب سابقا ولاحقا ( بعد اليوم ) . أي : بعد عمله اليوم ( مرتين ) : ظرف يقول ، ولعل التكرار فيه وفيما قبله للإشعار بعدم ضرره ودوام نفعه في الدارين ، والمراد بالتثنية التكرير والتكثير ، ويؤيده أنه في رواية أحمد ويرددها مرارا . هذا وقال السيد جمال الدين في كمية رجال جيش العسرة روايتان : إحداها أنها سبعون ألف رجل ، والأخرى أنها عشرون ألفا ، وعلى اختلاف الروايتين جهز عثمان - رضي الله عنه - ثلث جيش العسرة ، فعلى هذا لا يكون الألف دينار الذي جاء به عثمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كمه ثمن ثلاثمائة بعير والله أعلم اهـ . وفي الرياض : عن عبد الرحمن بن عوف قال : شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد جاءه عثمان بن عفان في جيش العسرة بتسعمائة أوقية من ذهب . أخرجه الحافظ السلفي . وهذه [ ص: 3921 ] الاختلافات في الروايات قد توهم التضاد بينهن ، والجمع ممكن بأن يكون عثمان دفع ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها على ما تضمنه الحديث السابق ، ثم جاء بالألف لأجل المؤن التي لا بد للمسافر منها ، ثم لما اطلع على أن ذلك لا يكفي زاد في الإبل وأردف بالخيل تتميما للألف ثم لما لم يكتف بذلك تمم الألف أبعرة وزاد عشرين فرسا على تلك الخمسين ، وبعث بعشرة آلاف دينار للمؤن ، وفي رواية أخرجها الدارقطني عن عثمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظر في وجوه القوم فقال : ( من يجهز هؤلاء غفر الله له ) يعني جيش العسرة ، فجهزتهم حتى لم يفقدوا عقالا ولا خطاما ( رواه أحمد ) . وأخرجه الترمذي وقال : حسن غريب .

وعن حذيفة قال : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان في جيش العسرة . فبعث إليه عثمان بعشرة آلاف دينار ، فصب بين يديه فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول بيده ويقلبها ظهرا لبطن ويقول : ( غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائن إلى يوم القيامة ما يبالي ما عمل بعدها ) أخرجه الملا في سيرته والفضائلي .




الخدمات العلمية