الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 52 ] [ ص: 53 ] مالك عن عبد الحميد بن سهيل ويقال عبد المجيد ، يكنى أبا عبد الرحمن ، وقيل يكنى أبا وهب ؛ وهو عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني ؛ سمع سعيد بن المسيب ، وعثمان بن عبد الرحمن ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، روى عنه مالك بن أنس ، وابن عيينة ، وسليمان بن بلال ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، ( وهو ثقة حجة عندهم فيما نقل ) لمالك عنه في الموطأ حديث واحد ، اختلف على مالك في اسم هذا الرجل : فقال يحيى بن يحيى صاحبنا عنه فيه عبد الحميد ، وتابعه ابن نافع , وعبد الله بن يوسف التنيسي ؛ وروى بعض أصحاب ابن عيينة عن ابن عيينة ( عنه ) حديثه هذا ، فقال فيه عبد الحميد - كما قال يحيى ، وابن نافع ، والتنيسي . وقال : جمهور رواة الموطأ عن مالك فيه : عبد المجيد ، وهو المعروف عند الناس ؛ وكذلك قال فيه الدراوردي وسليمان بن بلال ( عنه في هذا الحديث ، وابن عيينة في غير هذا الحديث ؛ ونسبه مالك والدراوردي ، وسليمان بن بلال ) في حديثه هذا فقالوا فيه عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف . ( ونسبه غيرهما فقال فيه : عبد المجيد بن سهيل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عوف ، والقول فيه قول مالك ومن تابعه ) . [ ص: 54 ] قال أبو عمر : سهيل والد عبد الحميد هذا هو الذي تزوج الثريا بنت عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس بن عبد مناف ، وفيه يقول : عمر بن أبي ربيعة :

أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استقلت

وسهيل إذا استقل يمان وأول هذا الشعر :

أيها الطارق الذي قد عناني بعدما     نام سائر الركبان زار من نازح
بغير دليل يتخطى إلي حتى أتاني

وقد قالت طائفة من أهل العلم بالنسب والخبر إن سهيلا الذي تزوج الثريا ، وذكره عمر بن أبي ربيعة في شعره هذا ، هو سهيل بن عبد العزيز بن مروان ، قالوا إنها حملت إلى مصر . وكانت معه بمصر ؛ قالوا : ولم يكن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف بمصر . وقال الزبير بن بكار - وهو قول طائفة من أهل النسب : تزوج الثريا بنت عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس - - أبو الأبيض سهيل بن عبد الرحمن بن عوف ، وأمه مجد بنت يزيد بن سلامة الحميري ، وابنه عبد المجيد روى عنه مالك وغيره - الحديث . كذا قال الزبير : عبد المجيد - بالجيم قال الزبير : والثريا هذه هي مولاة الغريض ، وخالف الزبير غيره فقال : هي الثريا بنت عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر . وذكر عمر بن شبة أن الثريا هذه هي بنت علي بن عبد الله بن أمية الأصغر ، وقال : بما ذكره عمر بن شبة طائفة من أهل العلم بالنسب ؛ ولعبد الله [ ص: 55 ] بن الحارث بن أمية الأصغر بنون كثير ، منهم : علي الأكبر ، وعلي الأصغر ، ولم يختلف في أن الثريا هذه هي التي ذكرها عمر بن أبي ربيعة في شعره ؛ ولا اختلف في أنها من ولد عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر ، وبنو أمية الأصغر يعرفون بالعبلات . أخبرنا عبد الله بن محمد ، قال حدثنا محمد بن يحيى ، قال حدثنا محمد بن عمر بن علي ، قال حدثنا علي بن حرب ، قال حدثنا سفيان ، عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أن مجوسيا دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أعفى شاربه ، وأحفى لحيته - فقال : من أمرك بهذا ؟ قال : أمرني ربي قال : لكن ربي أمرني أن أحفي شاربي وأعفي لحيتي . هكذا قال : علي بن حرب ، عن سفيان بن عيينة : عبد المجيد ، وهو الصواب في اسم هذا الرجل ، وكذلك ذكره البخاري والعقيلي في باب عبد المجيد ومن قال فيه عبد الحميد فقد غلط - والله أعلم . أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة ، قال حدثنا القعنبي ، قال حدثنا سليمان بن بلال ، عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف ، أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث أن أبا هريرة وأبا سعيد الخدري ، حدثاه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أخا بني عدي الأنصاري واستعمله على خيبر فقدم بتمر جنيب فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا والله يا رسول الله إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع ، فقال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم : لا تفعلوا ، ولكن مثلا بمثل ، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا ، وكذلك الميزان . [ ص: 56 ] وأخبرنا سعيد بن نصر ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال حدثنا إبراهيم بن حمزة ، قال حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف - فذكره بإسناده مثله سواء . فاتفق ابن عيينة وسليمان بن بلال والدراوردي فيه على " عبد المجيد ، " وكذلك قال جمهور رواة الموطأ عن مالك فيه : عبد المجيد ، وهو الحق الذي لا شك فيه - إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية