الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب قال مالك قال ابن شهاب ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب فأجلى يهود خيبر قال مالك وقد أجلى عمر بن الخطاب يهود نجران وفدك فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء وأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالحهم على نصف الثمر ونصف الأرض فأقام لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب وورق وإبل وحبال وأقتاب ثم أعطاهم القيمة وأجلاهم منها

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1651 1604 - ( مالك عن ابن شهاب ) مرسل ورواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب عن [ ص: 368 ] سعيد بن المسيب مرسلا أيضا ، وهو موصول بنحوه من طرق في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس وعمر وغيرهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجتمع ) خبر بمعنى النهي ؛ للرواية قبله " لا يبقين " ( دينان في جزيرة العرب ) هي مكة والمدينة واليمامة كما روي عن مالك ، أي : وقراها ، سميت جزيرة لإحاطة البحر بها .

                                                                                                          وقال ابن حبيب : جزيرة العرب من أقصى عدن وما والاها من أقصى اليمن كلها إلى ريف العراق في الطول ، وأما في العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام ومصر في المغرب ، وفي المشرق ما بين المدينة إلى منقطع السمارة .

                                                                                                          ( قال مالك : قال ابن شهاب ففحص ) أي استقصى في الكشف ( عن ذلك عمر بن الخطاب ) في خلافته ( حتى أتاه الثلج ) بفتح المثلثة وسكون اللام وجيم ، اليقين الذي لا شك فيه ( واليقين ) الذي اطمأنت به نفسه والعطف تفسيري ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ) وفي الصحيح عن ابن عباس : " أنه صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاث قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة " ( فأجلى ) أخرج ( يهود خيبر ) لما اطمأنت نفسه بكثرة من روى له ذلك .

                                                                                                          ( قال مالك : وقد أجلى عمر بن الخطاب يهود نجران ) بفتح النون وإسكان الجيم بلدة من بلاد همدان باليمن ، قال البكري : سميت باسم بانيها نجران بن زيد بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان .

                                                                                                          ( وفدك ) بفتح الفاء والدال المهملة بلدة بينها وبين المدينة يومان وبينها وبين خيبر دون مرحلة .

                                                                                                          ( فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء ) لأنه صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها فسألته أن يقرهم بها على أن يكفوه العمل ولهم نصف الثمرة فقال صلى الله عليه وسلم : أقركم ما أقركم الله ، فإنما ساقاهم الله مدة ولم يجعل لهم فيها شيئا .

                                                                                                          ( وأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالحهم ) لما أوقع بأهل خيبر ( على نصف الثمر ونصف الأرض ) [ ص: 369 ] بطلبهم ذلك فأقرهم على ذلك ولم يأتهم ، قال ابن إسحاق : فكانت له خالصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وقيل : صالحوه على حقن دمائهم ، والجلاء ويخلوا بينه وبين الأموال ففعل ، قال الواقدي : والأول أثبت القولين .

                                                                                                          ( فأقام ) أي : قوم ( لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب وورق ) فضة ( وإبل وحبال ) جمع حبل ( وأقتاب ) جمع قتب ( ثم أعطاهم القيمة وأجلاهم ) عملا بحديث : " لا يجتمع دينان في جزيرة العرب " .




                                                                                                          الخدمات العلمية