الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة فدعا عمر بن الخطاب قائفا فنظر إليهما فقال القائف لقد اشتركا فيه فضربه عمر بن الخطاب بالدرة ثم دعا المرأة فقال أخبريني خبرك فقالت كان هذا لأحد الرجلين يأتيني وهي في إبل لأهلها فلا يفارقها حتى يظن وتظن أنه قد استمر بها حبل ثم انصرف عنها فأهريقت عليه دماء ثم خلف عليها هذا تعني الآخر فلا أدري من أيهما هو قال فكبر القائف فقال عمر للغلام وال أيهما شئت

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1451 1415 - ( مالك ، عن يحيى بن سعيد ) الأنصاري ( عن سليمان بن يسار ) المدني ( أن عمر بن الخطاب كان يليط ) بضم الياء وكسر اللام ، يلصق ، أي يلحق ( أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام ) إذا لم يكن هناك فراش لأن أكثر أهل الجاهلية كانوا كذلك ، وأما اليوم في الإسلام بعد أن أحكم الله شريعته فلا يلحق ولد الزنى بمدعيه عند أحد من العلماء كان هناك فراش أم لا ، قاله أبو عمر . ( فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة ، فدعا عمر قائفا ) بقاف ثم فاء ( فنظر إليهما ، فقال القائف : لقد اشتركا فيه فضربه ) أي القائف ( عمر بالدرة ) بكسر المهملة وشد الراء ; لأنه كان يظن أن ماءين لا يجتمعان في ماء واحد استدلالا بقوله تعالى : ( إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) ( سورة الحجرات : الآية 13 ) ولم يقل من ذكرين لا لأنه لم ير قوله شيئا كما زعمه بعض من لا يرى القافة ، فإن قضاء عمر بالقافة أشهر من أن يحتاج إلى شاهد ، ألا ترى أنه حكم بقول القائف فقال : وال أيهما شئت . قاله الباجي ( ثم دعا المرأة فقال : أخبريني خبرك ، فقالت : كان هذا ) تشير ( لأحد الرجلين يأتيني وهي ) التفات والأصل وأنا ( في إبل لأهلها فلا يفارقها حتى يظن ) هو ( وتظن ) هي ( أنه قد استمر ) أي دام وثبت ( بها حبل ) بفتح المهملة والموحدة ، أي حملت بالولد ( ثم انصرف عنها فأهريقت ) بضم الهمزة هي ( عليه دما ثم خلف عليها هذا - تعني الآخر - فلا أدري من أيهما هو ) أي [ ص: 57 ] الولد ( قال ) سليمان ( فكبر القائف ) سرورا بموافقة قوله ( فقال عمر للغلام : وال أيهما ) أي الرجلين ( شئت ) وبه قال ابن القاسم ، ورواه عن مالك أنه يوالي إذا بلغ من شاء منهما وله موالاتهما جميعا ، ويكون ابنا لهما عند ابن القاسم .




                                                                                                          الخدمات العلمية