الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 228 ] النوع التاسع عشر .

في عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه .

أما سوره : فمائة وأربع عشرة سورة بإجماع من يعتد به ، وقيل : وثلاث عشرة ، بجعل الأنفال و " براءة " سورة واحدة .

أخرج أبو الشيخ ، عن أبي روق قال : الأنفال و " براءة " سورة واحدة .

وأخرج عن أبي رجاء قال : سألت الحسن ، عن الأنفال و " براءة " : سورتان أم سورة ؟ قال : سورتان .

ونقل مثل قول أبي روق ، عن مجاهد . وأخرجه ابن أبي حاتم ، عن سفيان .

وأخرج ابن أشتة ، عن ابن لهيعة قال : يقولون إن " براءة " من يسألونك وشبهتهم اشتباه الطرفين وعدم البسملة . ويرده تسمية النبي - صلى الله عليه وسلم - كلا منهما .

ونقل صاحب الإقناع : أن البسملة ثابتة ل " براءة " في مصحف ابن مسعود ، قال : ولا يؤخذ بهذا .

قال القشيري : الصحيح أن التسمية لم تكن فيها; لأن جبريل - عليه السلام - لم ينزل بها فيها .

وفي المستدرك : عن ابن عباس قال : سألت علي بن أبي طالب : لم لم تكتب في " براءة " بسم الله الرحمن الرحيم ؟ قال : لأنها أمان ، و " براءة " نزلت بالسيف .

وعن مالك أن أولها لما سقط سقط معه البسملة ; فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها .

[ ص: 229 ] وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنتا عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوذتين وفي مصحف أبي ست عشرة ; لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع .

أخرج أبو عبيد ، عن ابن سيرين ، قال : كتب أبي بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين واللهم إنا نستعينك واللهم إياك نعبد وتركهن ابن مسعود . وكتب عثمان منهن فاتحة الكتاب والمعوذتين .

وأخرج الطبراني في الدعاء من طريق عباد بن يعقوب الأسدي ، عن يحيى بن يعلى الأسلمي ، عن ابن لهيعة ، عن ابن هبيرة ، عن عبد الله بن زرير الغافقي قال : قال لي عبد الملك بن مروان : لقد علمت ما حملك على حب أبي تراب إلا أنك أعرابي جاف ، فقلت : والله لقد جمعت القرآن من قبل أن يجتمع أبواك ، ولقد علمني منه علي بن أبي طالب سورتين علمهما إياه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما علمتهما أنت ولا أبوك : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق .

وأخرج البيهقي من طريق سفيان الثوري ، عن ابن جريج ، عن عطاء عن عبيد بن عمير : أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال : بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى نقمتك إن عذابك بالكافرين ملحق .

[ ص: 230 ] قال ابن جريج : حكمة البسملة أنهما سورتان في مصحف بعض الصحابة .

وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة ، عن أبي بن كعب أنه كان يقنت بالسورتين ، فذكرهما ، وأنه كان يكتبهما في مصحفه .

وقال ابن الضريس : أنبأنا أحمد بن جميل المروزي ، عن عبد الله بن المبارك ، أنبأنا الأجلح ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : في مصحف ابن عباس قراءة أبي وأبي موسى : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك . وفيه : اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نخشى عذابك ، ونرجو رحمتك ، إن عذابك بالكفار ملحق .

وأخرج الطبراني بسند صحيح ، عن أبي إسحاق قال : أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان ، فقرأ بهاتين السورتين : إنا نستعينك ونستغفرك .

وأخرج البيهقي ، وأبو داود في المراسيل ، عن خالد بن أبي عمران : أن جبريل نزل بذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة مع قوله ليس لك من الأمر شيء الآية [ آل عمران : 128 ] لما قنت يدعو على مضر .

تنبيه : كذا نقل جماعة ، عن مصحف أبي أنه ست عشرة سورة والصواب أنه خمس عشرة فإن سورة الفيل وسورة لإيلاف قريش فيه سورة واحدة ، ونقل ذلك السخاوي في " جمال القراء " ، عن جعفر الصادق وأبي نهيك ، أيضا .

قلت : ويرده ما أخرجه الحاكم والطبراني من حديث أم هانئ : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فضل الله قريشا بسبع الحديث وفيه : وإن الله أنزل فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها معهم غيرهم : لإيلاف قريش .

وفي كامل الهذلي ، عن بعضهم أنه قال : الضحى و ألم نشرح سورة واحدة ، نقله الإمام الرازي في تفسيره ، عن طاوس وعمر بن عبد العزيز وغيره من المفسرين .

التالي السابق


الخدمات العلمية