الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

                                                                                                                                                                                                                                      الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون .

                                                                                                                                                                                                                                      لما فرغ سبحانه من ذكر ما ذكره من دلائل التوحيد رجع إلى ما كان فيه من الاستئذان فذكره هاهنا على وجه أخص فقال : ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والخطاب للمؤمنين ، وتدخل المؤمنات فيه تغليبا كما في غيره من الخطابات .

                                                                                                                                                                                                                                      قال العلماء : هذه الآية خاصة ببعض الأوقات . واختلفوا في المراد بقوله : ليستأذنكم على أقوال : الأول أنها منسوخة ، قاله سعيد بن المسيب . وقال سعيد بن جبير : إن الأمر فيها للندب لا للوجوب . وقيل : كان ذلك واجبا حيث كانوا لا أبواب لهم ، ولو عاد الحال لعاد الوجوب ، حكاه المهدوي عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن الأمر هاهنا للوجوب ، وإن الآية محكمة غير منسوخة ، وأن حكمها ثابت على الرجال والنساء ، قال : القرطبي : وهو قول أكثر أهل العلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو عبد الرحمن السلمي : إنها خاصة بالنساء . وقال ابن عمر هي خاصة بالرجال دون النساء .

                                                                                                                                                                                                                                      والمراد بقوله : ملكت أيمانكم العبيد والإماء ، والمراد " بالذين لم يبلغوا الحلم " الصبيان " منكم " أي : من الأحرار ، ومعنى ثلاث مرات ثلاثة أوقات في اليوم والليلة ، وعبر بالمرات عن الأوقات لأن أصل وجوب الاستئذان هو بسبب مقارنة تلك الأوقات لمرور المستأذنين بالمخاطبين لا نفس الأوقات ، وانتصاب " ثلاث مرات " على الظرفية الزمانية أي : ثلاثة أوقات ، ثم فسر تلك الأوقات بقوله : من قبل صلاة الفجر إلخ ، أو منصوب على المصدرية أي : ثلاث استئذانات ، ورجح هذا أبو حيان فقال : والظاهر من قوله : ثلاث مرات ثلاث استئذانات ، لأنك إذا قلت ضربتك ثلاث مرات لا يفهم منه إلا ثلاث ضربات . ويرد بأن الظاهر هنا متروك للقرينة المذكورة ، وهو التفسير بالثلاثة الأوقات .

                                                                                                                                                                                                                                      قرأ الحسن وأبو عمرو في رواية ( الحلم ) بسكون اللام وقرأ الباقون بضمها . قال الأخفش : الحلم من حلم الرجل بفتح اللام ، ومن الحلم حلم ، بضم اللام ، يحلم ، بكسر اللام ، ثم فسر سبحانه الثلاث المرات فقال : من قبل صلاة الفجر وذلك لأنه وقت القيام عن المضاجع ، وطرح ثياب النوم ، ولبس ثياب اليقظة ، وربما يبيت عريانا ، أو على حال لا يحب أن يراه غيره فيها ، ومحله النصب على أنه بدل من ( ثلاث ) ، ويجوز أن يكون في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هي من قبل ، وقوله : وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة معطوف على محل من قبل صلاة الفجر و ( من ) في من الظهيرة للبيان ، أو بمعنى في ، أو بمعنى اللام . والمعنى : حين تضعون ثيابكم التي تلبسونها في النهار من شدة حر الظهيرة وذلك عند انتصاف النهار ، فإنهم قد يتجردون عن الثياب لأجل القيلولة .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر سبحانه الوقت الثالث فقال : ومن بعد صلاة العشاء وذلك لأنه وقت التجرد عن [ ص: 1026 ] الثياب والخلوة بالأهل ، ثم أجمل سبحانه هذه الأوقات بعد التفصيل فقال : ثلاث عورات لكم قرأ الجمهور : ثلاث عورات برفع ثلاث ، وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم بالنصب على البدل من ( ثلاث مرات ) .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عطية : إنما يصح البدل بتقدير أوقات ثلاث عورات ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، ويحتمل أنه جعل نفس ثلاث مرات نفس ثلاث عورات مبالغة ، ويجوز أن يكون ثلاث عورات بدلا من الأوقات المذكورة أي : من قبل صلاة الفجر إلخ ، ويجوز أن تكون منصوبة بإضمار فعل أي : أعني ونحوه ، وأما الرفع فعلى أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هن ثلاث .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو حاتم : النصب ضعيف مردود . وقال الكسائي : إن ( ثلاث عورات ) مرتفعة بالابتداء والخبر ما بعدها . قال : والعورات الساعات التي تكون فيها العورة . قال الزجاج : المعنى ليستأذنكم أوقات ثلاث عورات ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وعورات جمع عورة ، والعورة في الأصل الخلل ، ثم غلب في الخلل الواقع فيما يهم حفظه ويتعين ستره أي : هي ثلاث أوقات يختل فيها الستر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الأعمش ( عورات ) بفتح الواو ، وهي لغة هذيل وتميم فإنهم يفتحون عين ( فعلات ) سواء كان واوا أو ياء ، ومنه :

                                                                                                                                                                                                                                      أخو بيضات رايح متأوب رفيق بمسح المنكبين سبوح

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله :

                                                                                                                                                                                                                                      أبو بيضات رايح أو مبعد     عجلان ذا زاد وغير مزود

                                                                                                                                                                                                                                      و لكم متعلق بمحذوف هو صفة لثلاث عورات أي : كائنة لكم ، والجملة مستأنفة مسوقة لبيان علة وجوب الاستئذان ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن أي ليس على المماليك ولا على الصبيان جناح أي : إثم في الدخول بغير استئذان لعدم ما يوجبه من مخالفة الأمر والاطلاع على العورات .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى بعدهن : بعد كل واحدة من هذه العورات الثلاث ، وهي الأوقات المتخللة بين كل اثنتين منها ، وهذه الجملة مستأنفة مقررة للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة ، ويجوز أن تكون في محل رفع صفة لثلاث عورات على قراءة الرفع فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو البقاء : بعدهن أي بعد استئذانهم فيهن ، ثم حذف حرف الجر والمجرور ، فبقي بعد استئذانهم ، ثم حذف المصدر وهو الاستئذان ، والضمير المتصل به . ورد بأنه لا حاجة إلى هذا التقدير الذي ذكره ، بل المعنى : ليس عليكم جناح ولا عليهم أي : العبيد والإماء والصبيان جناح في عدم الاستئذان بعد هذه الأوقات المذكورة ، وارتفاع طوافون على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هم طوافون عليكم ، والجملة مستأنفة مبينة للعذر المرخص في ترك الاستئذان .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الفراء : هذا كقولك في الكلام : هم خدمكم وطوافون عليكم ، وأجاز أيضا نصب ( طوافين ) لأنه نكرة ، والمضمر في عليكم معرفة ولا يجيز البصريون أن تكون حالا من المضمرين اللذين في ( عليكم ) وفي ( بعضكم ) لاختلاف العاملين .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى طوافون عليكم أي : يطوفون عليكم ، ومنه الحديث في الهرة إنما هي من الطوافين عليكم ، أو الطوافات أي هم خدمكم فلا بأس أن يدخلوا عليكم في غير هذه الأوقات بغير إذن ، ومعنى بعضكم على بعض بعضكم يطوف أو طائف على بعض ، وهذه الجملة بدل مما قبلها أو مؤكدة لها . والمعنى أن كلا منكم يطوف على صاحبه ، العبيد على الموالي والموالي على العبيد ، ومنه قول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                      ولما قرعنا النبع بالنبع بعضه     ببعض أبت عيدانه أن تكسرا

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن أبي عبلة ( طوافين ) بالنصب على الحال كما تقدم عن الفراء ، وإنما أباح سبحانه الدخول في غير تلك الأوقات الثلاثة بغير استئذان ، لأنها كانت العادة أنهم لا يكشفون عوراتهم في غيرها ، والإشارة بقوله : كذلك يبين الله لكم الآيات إلى مصدر الفعل الذي بعده ، كما في سائر المواضع في الكتاب العزيز أي : مثل ذلك التبيين يبين الله لكم الآيات الدالة على ما شرعه لكم من الأحكام والله عليم حكيم كثير العلم بالمعلومات ، وكثير الحكمة في أفعاله .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم بين سبحانه هاهنا حكم الأطفال الأحرار إذا بلغوا الحلم بعد ما بين فيما مر حكم الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم في أنه لا جناح عليهم في ترك الاستئذان فيما عدا الأوقات الثلاثة فقال : فليستأذنوا يعني الذين بلغوا الحلم إذا دخلوا عليكم كما استأذن الذين من قبلهم والكاف نعت مصدر محذوف أي : استئذانا كما استأذن الذين من قبلهم ، والموصول عبارة عن الذين قيل لهم لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا [ النور : 27 ] الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى : أن هؤلاء الذين بلغوا الحلم يستأذنون في جميع الأوقات كما استأذن الذين من قبلهم من الكبار الذين أمروا بالاستئذان من غير استثناء ، ثم كرر ما تقدم للتأكيد فقال : كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم وقرأ الحسن ( الحلم ) فحذف الضمة لثقلها .

                                                                                                                                                                                                                                      قال عطاء : واجب على الناس أن يستأذنوا إذا احتلموا أحرارا كانوا أو عبيدا . وقال الزهري : يستأذن الرجل على أمه ، وفي هذا المعنى نزلت هذه الآية ، والمراد بالقواعد من النساء : العجائز اللاتي قعدن عن الحيض والولد من الكبر ، واحدتها قاعد بلا هاء ليدل حذفها على أنه قعود الكبر ، كما قالوا : امرأة حامل ، ليدل بحذف الهاء على أنه حمل حبل ، ويقال : قاعدة في بيتها ، وحاملة على ظهرها . قال الزجاج : هن اللاتي قعدن عن التزويج .

                                                                                                                                                                                                                                      وهو معنى قوله اللاتي لا يرجون نكاحا أي لا يطمعن فيه لكبرهن . وقال أبو عبيدة : اللاتي قعدن عن الولد ، وليس هذا بمستقيم ، لأن المرأة تقعد عن الولد وفيها مستمتع .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر سبحانه حكم القواعد فقال : فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن أي الثياب التي تكون على ظاهر البدن كالجلباب ونحوه ، ولا الثياب التي على العورة الخاصة ، وإنما جاز لهن ذلك لانصراف الأنفس عنهن إذ لا رغبة للرجال فيهن ، فأباح [ ص: 1027 ] الله سبحانه لهن ما لم يبحه لغيرهن ، ثم استثنى حالة من حالاتهن فقال : غير متبرجات بزينة أي غير مظهرات للزينة التي أمرن بإخفائها في قوله : ولا يبدين زينتهن [ النور : 31 ] والمعنى : من غير أن يردن بوضع الجلابيب إظهار زينتهن ولا متعرضات بالتزين لينظر إليهن الرجال .

                                                                                                                                                                                                                                      والتبرج التكشف والظهور للعيون ، ومنه بروج مشيدة [ النساء : 78 ] وبروج السماء ، ومنه قولهم : سفينة بارجة أي : لا غطاء عليها وأن يستعففن خير لهن أي : وأن يتركن وضع الثياب فهو خير لهن من وضعها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس ( أن يضعن من ثيابهن ) بزيادة ( من ) ، وقرأ ابن مسعود : ( وأن يعففن ) بغير سين والله سميع عليم كثير السماع والعلم أو بليغهما .

                                                                                                                                                                                                                                      ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج اختلف أهل العلم في هذه الآية : هل هي محكمة أو منسوخة ؟ قال بالأول جماعة من العلماء ، وبالثاني جماعة .

                                                                                                                                                                                                                                      قيل إن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم ، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم ويقولون لهم : قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا ، فكانوا يتحرجون من ذلك وقالوا : لا ندخلها وهم غيب ، فنزلت هذه الآية رخصة لهم ، فمعنى الآية نفي الحرج عن الزمنى في أكلهم من بيوت أقاربهم أو بيوت من يدفع إليهم المفتاح إذا خرج للغزو .

                                                                                                                                                                                                                                      قال النحاس : وهذا القول من أجل ما روي في الآية لما فيه من الصحابة والتابعين من التوقيف . وقيل : إن هؤلاء المذكورين كانوا يتحرجون من مؤاكلة الأصحاء حذارا من استقذارهم إياهم وخوفا من تأذيهم بأفعالهم فنزلت . وقيل : إن الله رفع الحرج عن الأعمى فيما يتعلق بالتكليف الذي يشترط فيه البصر ، وعن الأعرج فيما يشترط في التكليف به القدرة الكاملة على المشي على وجه يتعذر الإتيان به مع العرج ، وعن المريض فيما يؤثر المرض في إسقاطه ، وقيل : المراد بهذا الحرج المرفوع عن هؤلاء هو الحرج في الغزو أي : لا حرج على هؤلاء في تأخرهم عن الغزو . وقيل : كان الرجل إذا أدخل أحدا من هؤلاء الزمنى إلى بيته فلم يجد فيه شيئا يطعمهم إياه ذهب بهم إلى بيوت قرابته ، فيتحرج الزمنى من ذلك فنزلت .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى قوله ولا على أنفسكم عليكم ، وعلى من يماثلكم من المؤمنين أن تأكلوا أنتم ومن معكم ، وهذا ابتداء كلام أي : ولا عليكم أيها الناس . والحاصل أن رفع الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض إن كان باعتبار مؤاكلة الأصحاء ، أو دخول بيوتهم فيكون ولا على أنفسكم متصلا بما قبله ، وإن كان رفع الحرج عن أولئك باعتبار التكاليف التي يشترط فيها وجود البصر وعدم العرج وعدم المرض ، فقوله : ولا على أنفسكم ابتداء كلام غير متصل بما قبله . ومعنى من بيوتكم البيوت التي فيها متاعهم وأهلهم فيدخل بيوت الأولاد كذا قال المفسرون ، لأنها داخلة في بيوتهم لكون بيت ابن الرجل بيته ، فلذا لم يذكر سبحانه بيوت الأولاد وذكر بيوت الآباء وبيوت الأمهات ومن بعدهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال النحاس : وعارض بعضهم هذا فقال : هذا تحكم على كتاب الله سبحانه بل الأولى في الظاهر أن يكون الابن مخالفا لهؤلاء . ويجاب عن هذه المعارضة بأن رتبة الأولاد بالنسبة إلى الآباء لا تنقص عن رتبة الآباء بالنسبة إلى الأولاد ، بل للآباء مزيد خصوصية في أموال الأولاد لحديث أنت ، ومالك لأبيك وحديث ولد الرجل من كسبه ثم قد ذكر الله سبحانه هاهنا بيوت الإخوة والأخوات ، بل بيوت الأعمام والعمات ، بل بيوت الأخوال والخالات ، فكيف ينفي سبحانه الحرج عن الأكل من بيوت هؤلاء ، ولا ينفيه عن بيوت الأولاد ؟ وقد قيد بعض العلماء جواز الأكل من بيوت هؤلاء بالإذن منهم . وقال آخرون : لا يشترط الإذن . قيل وهذا إذا كان الطعام مبذولا ، فإن كان محرزا دونهم لم يجز لهم أكله .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم قال سبحانه : أو ما ملكتم مفاتحه أي البيوت التي تملكون التصرف فيها بإذن أربابها ، وذلك كالوكلاء والعبيد والخزان ، فإنهم يملكون التصرف في بيوت من أذن لهم بدخول بيته وإعطائهم مفاتحه . وقيل : المراد بها بيوت المماليك .

                                                                                                                                                                                                                                      قرأ الجمهور ملكتم بفتح الميم وتخفيف اللام . وقرأ سعيد بن جبير بضم الميم وكسر اللام مع تشديدها . وقرأ أيضا : ( مفاتيحه ) بياء بين التاء والحاء . وقرأ قتادة ، ( مفاتحه ) على الإفراد ، والمفاتح جمع مفتح ، والمفاتيح جمع مفتاح أو صديقكم أي لا جناح عليكم أن تأكلوا من بيوت صديقكم وإن لم يكن بينكم وبينه قرابة ، فإن الصديق في الغالب يسمح لصديقه بذلك وتطيب به نفسه ، والصديق يطلق على الواحد والجمع ، ومنه قول جرير :

                                                                                                                                                                                                                                      دعون الهوى ثم ارتمين قلوبنا     بأسهم أعداء وهن صديق

                                                                                                                                                                                                                                      ومثله العدو والخليط والقطين والعشير ، ثم قال سبحانه : ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم جميعا أو أشتاتا انتصاب ( جميعا ) و ( أشتاتا ) على الحال .

                                                                                                                                                                                                                                      والأشتات جمع شت ، والشت المصدر : بمعنى التفرق ، يقال شت القوم أي : تفرقوا ، وهذه الجملة كلام مستأنف مشتمل على بيان حكم آخر من جنس ما قبله أي : ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم مجتمعين أو متفرقين ، وقد كان بعض العرب يتحرج أن يأكل وحده حتى يجد له أكيلا يؤاكله فيأكل معه ، وبعض العرب كان لا يأكل إلا مع ضيف ، ومنه قول حاتم :

                                                                                                                                                                                                                                      إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له     أكيلا فإني لست آكله وحدي

                                                                                                                                                                                                                                      فإذا دخلتم بيوتا هذا شروع في بيان أدب آخر أدب به عباده أي : إذا دخلتم بيوتا غير البيوت التي تقدم ذكرها فسلموا على أنفسكم أي على أهلها الذين هم بمنزلة أنفسكم . وقيل : المراد البيوت المذكورة سابقا .

                                                                                                                                                                                                                                      وعلى القول الأول ، فقال الحسن والنخعي : هي المساجد ، والمراد سلموا على من فيها من صنفكم ، فإن لم يكن في المساجد أحد ، فقيل يقول : السلام على رسول الله ، وقيل : يقول ، السلام عليكم مريدا للملائكة ، وقيل : يقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بالقول الثاني - أعني أنها البيوت [ ص: 1028 ] المذكورة سابقا - جماعة من الصحابة والتابعين ، وقيل : المراد بالبيوت هنا هي كل البيوت المسكونة وغيرها ، فيسلم على أهل المسكونة ، وأما غير المسكونة فيسلم على نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن العربي : القول بالعموم في البيوت هو الصحيح ، وانتصاب تحية على المصدرية ، لأن قوله فسلموا معناه فحيوا ، أي : تحية ثابتة من عند الله أي : إن الله حياكم بها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الفراء أي : إن الله أمركم أن تفعلوها طاعة له ، ثم وصف هذه التحية فقال مباركة أي : كثيرة البركة والخير دائمتهما طيبة أي تطيب بها نفس المستمع ، وقيل : حسنة جميلة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج : أعلم الله سبحانه أن السلام مبارك طيب لما فيه من الأجر والثواب ، ثم كرر سبحانه فقال : كذلك يبين الله لكم الآيات تأكيدا لما سبق .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قدمنا أن الإشارة بذلك إلى مصدر الفعل لعلكم تعقلون تعليل لذلك التبيين برجاء تعقل آيات الله سبحانه وفهم معانيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : بلغنا أن رجلا من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرشدة صنعا للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - طعاما ، فقالت أسماء : يا رسول الله ، ما أقبح هذا ، إنه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوب واحد غلامهما بغير إذن ، فأنزل الله في ذلك ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم يعني العبيد والإماء والذين لم يبلغوا الحلم منكم قال : من أحراركم من الرجال والنساء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في هذه الآية قال : كان أناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يعجبهم أن يواقعوا نساءهم في هذه الساعات ليغتسلوا ، ثم يخرجوا إلى الصلاة ، فأمرهم الله أن يأمروا المملوكين والغلمان أن لا يدخلوا عليهم في تلك الساعات إلا بإذن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ثعلبة القرظي عن عبد الله بن سويد قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن العورات الثلاث ، فقال : إذا أنا وضعت ثيابي بعد الظهيرة لم يلج علي أحد من الخدم من الذين لم يبلغوا الحلم ولا أحد لم يبلغ الحلم من الأحرار إلا بإذن ، وإذا وضعت ثيابي بعد صلاة العشاء ، ومن قبل صلاة الصبح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرجه عبد بن حميد والبخاري في الأدب عن عبد الله بن سويد من قوله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج نحوه أيضا ابن سعد عن سويد بن النعمان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأبو داود وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : إنه لم يؤمن بها أكثر الناس : يعني آية الإذن ، وإني لآمر جاريتي هذه - لجارية قصيرة قائمة على رأسه - أن تستأذن علي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ، قال : ترك الناس ثلاث آيات لم يعملوا بهن ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ، والآية التي في سورة النساء وإذا حضر القسمة [ النساء : 8 ] الآية ، والآية التي في الحجرات إن أكرمكم عند الله أتقاكم . [ الحجرات : 13 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عنه أيضا في الآية قال : إذا خلا الرجل بأهله بعد العشاء فلا يدخل عليه صبي ولا خادم إلا بإذنه حتى يصلي الغداة ، وإذا خلا بأهله عند الظهر فمثل ذلك ، ورخص لهم في الدخول فيما بين ذلك بغير إذن ، وهو قوله : ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن فأما من بلغ الحلم ، فإنه لا يدخل على الرجل وأهله إلا بإذن على كل حال ، وهو قوله : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في السنن بسند صحيح من طريق عكرمة عنه أيضا : أن رجلا سأله عن الاستئذان في الثلاث العورات التي أمر الله بها في القرآن ، فقال ابن عباس : إن الله ستير يحب الستر . وكان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا حجاب في بيوتهم ، فربما فجأ الرجل خادمه ، أو ولده ، أو يتيم في حجره ، وهو على أهله ، فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العورات التي سمى الله ، ثم جاء الله بعد بالستور ، فبسط عليهم في الرزق ، فاتخذوا الستور واتخذوا الحجاب ، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب وابن جرير وابن المنذر عن ابن عمر في قوله : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم قال : هي على الذكور دون الإناث ، ولا وجه لهذا التخصيص ، فالاطلاع على العورات في هذه الأوقات كما يكرهه الإنسان من الذكور يكرهه من الإناث .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الآية قالت : نزلت في النساء أن يستأذن علينا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن علي في الآية قال : النساء ، فإن الرجال يستأذنون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي عن موسى بن أبي شيبة قال : سألت الشعبي عن هذه الآية أمنسوخة هي ؟ قال : لا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عطاء أنه سأل ابن عباس أأستأذن على أختى ؟ قال : نعم ، قلت : إنها في حجري وإني أنفق عليها وإنها معي في البيت أأستأذن عليها ؟ قال : نعم إن الله يقول : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم الآية ، فلم يؤمر هؤلاء بالإذن إلا في هؤلاء العورات الثلاث ، قال : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم فالإذن واجب على كل خلق الله أجمعين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال : عليكم إذن على أمهاتكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب عنه قال : يستأذن الرجل على أبيه وأمه وأخيه وأخته .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن جابر نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير والبيهقي في السنن عن عطاء بن يسار أن رجلا قال : يا رسول الله أأستأذن على [ ص: 1029 ] أمي ؟ قال : نعم ، قال : إني معها في البيت ، قال : استأذن عليها ، قال : إني خادمها أفأستأذن عليها كلما دخلت ؟ قال : أتحب أن تراها عريانة ؟ قال : لا ، قال : فاستأذن عليها وهو مرسل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة نحوه عن زيد بن أسلم أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو أيضا مرسل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود والبيهقي في السنن عن ابن عباس وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن [ النور : 31 ] الآية ، فنسخ واستثنى من ذلك والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عنه قال : هي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار وتضع عليها الجلباب ما لم تتبرج بما يكرهه الله ، وهو قوله : فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي عن ابن عباس أنه كان يقرأ : أن يضعن ثيابهن ويقول : هو الجلباب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في السنن عن ابن مسعود أن يضعن ثيابهن قال : الجلباب والرداء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [ النساء : 29 ] قالت الأنصار : ما بالمدينة مال أعز من الطعام ، كانوا يتحرجون الأكل مع الأعمى يقولون : إنه لا يبصر موضع الطعام ، وكانوا يتحرجون الأكل مع الأعرج يقولون : الصحيح يسبقه إلى المكان ولا يستطيع أن يزاحم ، ويتحرجون الأكل مع المريض يقولون لا يستطيع أن يأكل مثل الصحيح ، وكانوا يتحرجون أن يأكلوا في بيوت أقاربهم ، فنزلت ليس على الأعمى يعني : في الأكل مع الأعمى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد قال : كان الرجل يذهب بالأعمى أو الأعرج أو المريض إلى بيت أبيه أو بيت أخيه أو بيت عمه أو بيت عمته أو بيت خاله أو بيت خالته . فكان الزمنى يتحرجون من ذلك يقولون إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم ، فنزلت هذه الآية رخصة لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن النجار عن عائشة قالت : كان المسلمون يرغبون في النفير مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فيدفعون مفاتيحهم إلى أمنائهم ويقولون لهم قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما احتجتم إليه ، فكانوا يقولون إنه لا يحل لنا أن نأكل إنهم أذنوا لنا من غير طيب نفس ، وإنما نحن زمنى ، فأنزل الله ولا على أنفسكم أن تأكلوا إلى قوله : أو ما ملكتم مفاتحه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال : لما نزلت ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل قال المسلمون : إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ، والطعام هو أفضل الأموال فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد فكف الناس عن ذلك ، فأنزل الله ليس على الأعمى حرج إلى قوله : أو ما ملكتم مفاتحه وهو الرجل يوكل الرجل بضيعته ، والذي رخص الله أن يأكل من ذلك الطعام والتمر ويشرب اللبن ، وكانوا أيضا يتحرجون أن يأكل الرجل الطعام وحده حتى يكون معه غيره ، فرخص الله لهم فقال : ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك قال : كان أهل المدينة قبل أن يبعث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا مريض ولا أعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام ، فنزلت رخصة في مؤاكلتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود في مراسيله وابن جرير والبيهقي عن الزهري أنه سئل عن قوله : ليس على الأعمى حرج ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هنا ؟ فقال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم ، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم يقولون قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا ، وكانوا يتحرجون من ذلك يقولون لا ندخلها وهم غيب ، فأنزل الله هذه الآية رخصة لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان هذا الحي من بني كنانة بن خزيمة يرى أحدهم أن عليه مخزاة أن يأكل وحده في الجاهلية ، حتى إن كان الرجل يسوق الزود الحفل وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه ، فأنزل الله ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة وأبي صالح قالا : كانت الأنصار إذا نزل بهم الضيف لا يأكلون حتى يأكل الضيف معهم ، فنزلت رخصة لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في الآية ، قال خرج الحارث غازيا مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وخلف على أهله خالد بن يزيد ، فحرج أن يأكل من طعامه ، وكان مجهودا فنزلت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : أو صديقكم قال : إذا دخلت بيت صديقك من غير مؤامرته ، ثم أكلت من طعامه بغير إذنه لم يكن بذلك بأس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : أو صديقكم قال : هذا شيء قد انقطع ، إنما كان هذا في أوله ولم يكن لهم أبواب ، وكانت الستور مرخاة ، فربما دخل الرجل البيت وليس فيه أحد ، فربما وجد الطعام وهو جائع فسوغه الله أن يأكله . وقال : ذهب ذلك اليوم البيوت فيها أهلها ، فإذا خرجوا أغلقوا فقد ذهب ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله : فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم يقول : إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله وهو السلام ، لأنه اسم الله وهو تحية أهل الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند [ ص: 1030 ] الله مباركة طيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله : فسلموا على أنفسكم قال : هو المسجد إذا دخلته فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن ابن عمر قال : إذا دخل البيت غير المسكون أو المسجد فليقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية