الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون تعقيب قصة نوح وقومه بقصة رسول آخر ، أي : أخرى ، وما بعدها من القصص يراد منه أن ما أصاب قوم نوح على تكذيبهم له لم يكن صدفة ولكنه سنة الله في المكذبين لرسله ولذلك لم يعين القرن ولا القرون بأسمائهم .

والقرن : الأمة . والأظهر أن المراد به هنا ثمود ; لأنه الذي يناسبه قوله في آخر القصة : فأخذتهم الصيحة بالحق ; لأن ثمود أهلكوا بالصاعقة [ ص: 50 ] ولقوله : قال عما قليل ليصبحن نادمين مع قوله في سورة الحجر : فأخذتهم الصيحة مصبحين فكان هلاكهم في الصباح . ولعل تخصيصهم بالذكر هنا دون عاد خلافا لما تكرر في غير هذه الآية ; لأن العبرة بحالهم أظهر لبقاء آثار ديارهم بالحجر كما قال تعالى : وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون .

وقوله : فأرسلنا فيهم رسولا أي : جعل الرسول بينهم وهو منهم ، أي : من قبيلتهم . وضمير الجمع عائد إلى ( قرنا ) ; لأنه في تأويل ( الناس ) كقوله : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا .

وعدي فعل ( أرسلنا ) بـ ( في ) دون ( إلى ) لإفادة أن الرسول كان منهم ونشأ فيهم ; لأن القرن لما لم يعين باسم حتى يعرف أن رسولهم منهم أو واردا إليهم مثل لوط لأهل سدوم ، ويونس لأهل نينوى ، وموسى للقبط . وكان التنبيه على أن رسولهم منهم مقصودا ، إتماما للمماثلة بين حالهم وحال الذين أرسل إليهم محمد صلى الله عليه وسلم .

وكلام رسولهم مثل كلام نوح .

و ( أن ) تفسير لما تضمنه ( أرسلنا ) من معنى القول .

التالي السابق


الخدمات العلمية