الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      باب في الجنب إذا لم يتوضأ

                                                                                                      261 أخبرنا إسحق بن إبراهيم قال حدثنا هشام بن عبد الملك قال أنبأنا شعبة ح وأنبأنا عبيد الله بن سعيد قال حدثنا يحيى عن شعبة واللفظ له عن علي بن مدرك عن أبي زرعة عن عبد الله بن نجي عن أبيه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      261 ( عن عبد الله بن نجي ) بضم النون وفتح الجيم وتحتية تابعي ، وهو أبوه ( لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب ) قال الخطابي : المراد بالملائكة : الذين ينزلون بالرحمة والبركة لا الحفظة ، فإنهم لا يفارقون الجنب ولا غيره ، وقيل : ولم يرد بالجنب من أصابته جنابة فأخر الاغتسال إلى حضور الصلاة ، ولكنه الجنب الذي يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ويطوف على نسائه بغسل واحد قال : وأما الكلب فهو أن يقتنى لغير الصيد والزرع والماشية وحراسة الدور ، قال : وأما الصورة فهي ما صور من ذوات الأرواح سواء كان على جدار أو سقف أو ثوب انتهى . قال النووي في شرح المهذب : وفي تخصيصه الجنب بالمتهاون ، والكلب بالذي يحرم اقتناؤه نظر ، وهو محتمل ، وقال في شرح أبي داود : الأظهر أنه عام في كل كلب ، وأنهم يمنعون من الجميع لإطلاق الأحاديث ، ولأن الجرو الذي كان في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر فإنه لم يعلم به ، ومع هذا امتنع جبريل عليه السلام من دخول البيت وعلل بالجرو ، فلو كان العذر في وجود [ ص: 142 ] الكلب لا يمنعهم لم يمتنع جبريل قال : وقال العلماء : سبب امتناعهم من بيت فيه كلب لكثرة أكل النجاسات ، ولأن بعضها يسمى شيطانا كما جاء به الحديث ، والملائكة ضد الشياطين ، ولقبح رائحة الكلب ، والملائكة تكره الرائحة القبيحة ؛ ولأنها منهي عن اتخاذها ، فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته ، وصلاتها فيه ، واستغفارها له ، وتبريكها في بيته ، ودفعها أذى الشيطان ، وسبب امتناعهم عن بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة ، وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى ، وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى قال : وذكر الخطابي والقاضي عياض أن ذلك خاص بالصورة التي يحرم اتخاذها دون الممتهنة كالتي في البساط والوسادة ونحوها قال : والأظهر أنه عام في كل صورة ، وأنهم يمتنعون من الجميع لإطلاق الحديث انتهى . وقال الشيخ ولي الدين العراقي : وأما امتناعهم من دخول البيت الذي فيه جنب إن صحت الرواية فيه ، فيحتمل أن ذلك لامتناعه من قراءة القرآن وتقصيره بترك المبادرة إلى امتثال الأمر ، لكن في هذا نظر ؛ لأنه صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤخر الاغتسال ، وانعقد الإجماع على أنه لا يجب على الفور ، فالوجه ما قاله الخطابي ، وكذا قال صاحب النهاية : أراد بالجنب في هذا الحديث الذي يترك الاغتسال من الجنابة عادة ، فيكون أكثر أوقاته جنبا ، وهذا يدل على قلة دينه وخبث باطنه ، وحمل جماعة من العلماء ذلك على ما إذا لم يتوضأ ، فبوب عليه النسائي : باب في الجنب إذا لم يتوضأ ، وبوب عليه البيهقي : باب كراهة نوم الجنب من غير وضوء انتهى




                                                                                                      الخدمات العلمية