الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ومن سورة والنجم

                                                                                                          3276 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف عن مرة عن عبد الله قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى قال انتهى إليها ما يعرج من الأرض وما ينزل من فوق قال فأعطاه الله عندها ثلاثا لم يعطهن نبيا كان قبله فرضت عليه الصلاة خمسا وأعطي خواتيم سورة البقرة وغفر لأمته المقحمات ما لم يشركوا بالله شيئا قال ابن مسعود إذ يغشى السدرة ما يغشى قال السدرة في السماء السادسة قال سفيان فراش من ذهب وأشار سفيان بيده فأرعدها وقال غير مالك بن مغول إليها ينتهي علم الخلق لا علم لهم بما فوق ذلك قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( سورة النجم ) مكية وهي ثنتان وستون آية .

                                                                                                          قوله : ( عن مرة ) هو ابن شراحيل الهمداني . قوله : ( لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي ليلة الإسراء ( سدرة المنتهى ) قال الجزري في النهاية : السدر شجر النبق . وسدرة المنتهى شجرة في أقصى الجنة إليها ينتهي علم الأولين والآخرين ولا يتعداها ( قال انتهى إليها ما يعرج من الأرض ) أي ما يصعد من الأعمال والأرواح . وهذا قول ابن مسعود وضمير " قال " راجع إليه .

                                                                                                          وفي رواية مسلم : إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها ( وما ينزل من فوق ) أي من الوحي والأحكام ، وفي رواية مسلم : وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها ( فأعطاه الله عندها ) أي عند سدرة المنتهى ( خمسا ) أي خمس صلوات ( وأعطي خواتيم سورة البقرة ) أي من قوله تعالى : آمن الرسول إلى آخر السورة . قيل معنى قوله : أعطي خواتيم سورة البقرة أي أعطي إجابة دعواتها ( وغفر لأمته المقحمات ) وفي رواية مسلم : " وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات " قال [ ص: 117 ] النووي هو بضم الميم وإسكان القاف وكسر الحاء ومعناه الذنوب العظام الكبائر التي تهلك أصحابها وتوردهم النار وتقحمهم إياها وتقحم الوقوع في المهالك ومعنى الكلام : من مات من هذه الأمة غير مشرك بالله غفر له المقحمات . والمراد والله أعلم بغفرانها أنه لا يخلد في النار بخلاف المشركين وليس المراد أنه لا يعذب أصلا .

                                                                                                          فقد تقررت نصوص الشرع وإجماع أهل السنة على إثبات بعض العصاة من الموحدين ، ويحتمل أن يكون المراد بهذا خصوصا من الأمة أن يغفر لبعض الأمة المقحمات وهذا يظهر على مذهب من يقول إن لفظة " من " لا تقتضي العموم مطلقا ، وعلى مذهب من يقول لا تقتضيه في الإخبار وإن اقتضته في الأمر والنهي ويمكن تصحيحه على المذهب المختار وهو كونها للعموم مطلقا لأنه قد قام دليل على إرادة الخصوص وهو ما ذكرناه من النصوص والإجماع انتهى ( قال : السدرة في السماء السادسة ) قال النووي في شرح مسلم كذا هو في جميع الأصول السادسة وقد تقدم في الروايات الأخر من حديث أنس : أنها فوق السماء السابعة . قال القاضي : كونها في السابعة هو الأصح وقول الأكثرين وهو الذي يقتضيه المعنى وتسميتها بالمنتهى . قال النووي ويمكن أن يجمع بينهما فيكون أصلها في السادسة ومعظمها في السابعة فقد علم أنها في نهاية من العظم ( قال سفيان ) أي في بيان ما يغشى ( فراش ) بفتح الفاء الطير الذي يلقي نفسه في ضوء السراج واحدتها فراشة ( فأرعدها ) أي حركها لعله حكى تحرك الفراش واضطرابها .




                                                                                                          الخدمات العلمية