الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء إذا ذهب كسرى فلا كسرى بعده

                                                                                                          2216 حدثنا سعيد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء إذا ذهب كسرى فلا كسرى بعده ) بكسر الكاف ويجوز الفتح ، وهو لقب لكل من ولي مملكة الفرس ، قال ابن الأعرابي : الكسر أفصح في كسرى ، وكان أبو حاتم يختاره ، وأنكر الزجاج الكسر على ثعلب واحتج بأن النسبة إليه كسروي بالفتح ، ورد عليه ابن فارس بأن النسبة قد يفتح فيها ما هو في الأصل مكسور أو مضموم كما قالوا في بني تغلب بكسر اللام تغلبي بفتحها ، وفي سلمة كذلك ، فليس فيه حجة على تخطئة الكسر .

                                                                                                          ( وإذا هلك قيصر ) لقب لكل من ولي مملكة الروم ( فلا قيصر بعده ) ، قال الحافظ في شرح هذا الحديث : قد استشكل هذا مع بقاء مملكة الفرس لأن آخرهم قتل في زمان عثمان ، واستشكل أيضا مع بقاء مملكة الروم وأجيب عن ذلك بأن المراد لا يبقى كسرى بالعراق ولا قيصر بالشام وهذا منقول عن الشافعي ، قال وسبب الحديث أن قريشا كانوا يأتون الشام والعراق تجارا ، فلما أسلموا خافوا انقطاع سفرهم إليهما لدخولهم في الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لهم تطييبا لقلوبهم وتبشيرا لهم بأن ملكهما سيزول عن الإقليمين المذكورين ، وقيل الحكمة في أن قيصر بقي ملكه وإنما ارتفع من الشام وما والاها وكسرى ذهب ملكه أصلا ورأسا ، أن قيصر لما [ ص: 384 ] جاءه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم قبله وكاد أن يسلم ، وكسرى لما أتاه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم مزقه ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يمزق ملكه كل ممزق ، فكان كذلك ، قال الخطاب معناه فلا قيصر بعده يملك مثل ما يملك ، وذلك أنه كان بالشام وبها بيت المقدس الذي لا يتم للنصارى نسك إلا به ولا يملك على الروم أحد إلا كان قد دخله إما سرا وإما جهرا ، فانجلى عنها قيصر ، واستفتحت خزائنه ولم يخلفه أحد من القياصرة في تلك البلاد بعده ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية