الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          كتاب النكاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في فضل التزويج والحث عليه

                                                                                                          1080 حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا حفص بن غياث عن الحجاج عن مكحول عن أبي الشمال عن أبي أيوب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع من سنن المرسلين الحياء والتعطر والسواك والنكاح قال وفي الباب عن عثمان وثوبان وابن مسعود وعائشة وعبد الله بن عمرو وأبي نجيح وجابر وعكاف قال أبو عيسى حديث أبي أيوب حديث حسن غريب حدثنا محمود بن خداش البغدادي حدثنا عباد بن العوام عن الحجاج عن مكحول عن أبي الشمال عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث حفص قال أبو عيسى وروى هذا الحديث هشيم ومحمد بن يزيد الواسطي وأبو معاوية وغير واحد عن الحجاج عن مكحول عن أبي أيوب ولم يذكروا فيه عن أبي الشمال وحديث حفص بن غياث وعباد بن العوام أصح [ ص: 166 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 166 ] قال القاري في المرقاة : قيل هو مشترك بين الوطء والعقد اشتراكا لفظيا ، وقيل حقيقة في العقد مجاز في الوطء ، وقيل بقلبه وعليه مشايخنا . انتهى . قلت : قال الحافظ في الفتح : النكاح في اللغة الضم والتداخل ، وفي الشرع حقيقة في العقد . مجاز في الوطء على الصحيح ، والحجة في ذلك كثرة وروده في الكتاب والسنة للعقد . حتى قيل : إنه لم يرد في القرآن إلا للعقد ، قال : وقيل مقول بالاشتراك على كل منهما ، وبه جزم الزجاجي ، وهذا الذي يترجح في نظري ، وإن كان أكثر ما يستعمل في العقد . انتهى .

                                                                                                          ( أخبرنا حفص بن غياث ) بكسر الغين المعجمة الكوفي القاضي ، ثقة فقيه تغير حفظه قليلا في الآخر ( عن أبي الشمال ) بن ضباب بكسر المعجمة وبموحدتين مجهول ، كذا في الخلاصة والتقريب ، وقال في الميزان : حدث عنه مكحول بحديث : أربع من سنن المرسلين . لا يعرف إلا بهذا الحديث ، قاله أبو زرعة قوله : ( أربع ) أي : أربع خصال ( من سنن المرسلين ) أي : فعلا وقولا . يعني : التي فعلوها وحثوا عليها ، وفيه تغليب ؛ لأن بعضهم كعيسى ما ظهر منه الفعل في بعض الخصال ، وهو النكاح ، قاله القاري في المرقاة ، وقال المناوي في شرح الجامع الصغير ، المراد أن الأربع من سنن غالب الرسل ، فنوح لم يختتن وعيسى لم يتزوج . انتهى . ( الحياء ) قال العراقي وقع في روايتنا بفتح الحاء المهملة وبعدها ياء مثناة من تحت ، وصحفه بعضهم بكسر الحاء وتشديد النون ، وقال ابن القيم في الهدي : روي في الجامع بالنون والياء أي : الحناء والحياء ، وسمعت أبا الحجاج الحافظ يقول : الصواب : الختان ، وسقطت النون من الحاشية . كذلك رواه [ ص: 167 ] المحاملي عن شيخ الترمذي ، كذا في قوت المغتذي ، وأورد الخطيب التبريزي هذا الحديث في المشكاة نقلا عن الترمذي ، هكذا : أربع من سنن المرسلين : الحياء ، ويروى : الختان ، والتعطر إلخ ، قال القاري في المرقاة : قال الطيبي : اختصر المظهر كلام التوربشتي ، وقال : في الحياء ثلاث روايات بالحاء المهملة والياء التحتانية يعني : به ما يقتضي الحياء من الدين ، كستر العورة ، والتنزه عما تأباه المروءة ويذمه الشرع من الفواحش وغيرها ، لا الحياء الجبلي نفسه ، فإنه مشترك بين الناس ، وإنه خلق غريزي لا يدخل في جملة السنن .

                                                                                                          وثانيها : الختان بخاء معجمة وتاء فوقها نقطتان ، وهي من سنة الأنبياء من لدن إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى زمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،

                                                                                                          وثالثها : الحناء بالحاء المهملة والنون المشددة ، وهذه الرواية غير صحيحة ، ولعلها تصحيف ؛ لأنه يحرم على الرجال خضاب اليد والرجل تشبها بالنساء ، وأما خضاب الشعر به فلم يكن قبل نبينا صلى الله عليه وسلم ، فلا يصح إسناده إلى المرسلين . انتهى ما في المرقاة . ( والتعطر ) أي : استعمال العطر ، وهو الطيب .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عثمان ) بن عفان رضي الله عنه مرفوعا : من كان منكم ذا طول فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لا ، فالصوم له وجاء و ( وثوبان ) أخرجه الترمذي والروياني ، ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا ، كذا في التلخيص . ( وابن مسعود ) أخرجه الجماعة ( وعن عائشة ) أخرجه ابن ماجه بلفظ : النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني الحديث ، وفي إسناده عيسى بن ميمون ، وهو ضعيف ( وعبد الله بن عمرو ) بن العاص أخرجه النسائي ، وابن ماجه ، والبيهقي بلفظ إن لكل عمل شرة ، ولكل شرة فترة ، فمن كان فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كان إلى غير ذلك فقد هلك ( وجابر ) أخرجه الجماعة بلفظ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له " يا جابر تزوجت بكرا أم ثيبا ؟ قال ثيبا الحديث ، وأخرج عبد الرزاق في الجامع عن جابر مرفوعا أيما شاب تزوج في حداثة سنه عج شيطانه : عصم مني دينه ( وعكاف ) قال في القاموس . عكاف كشداد ابن وداعة الصحابي . انتهى ، وقال الحافظ في تعجيل المنفعة : عكاف بن وداعة الهلالي ، يقال ابن يسر التميمي ، أخرج حديثه أبو علي بن السكن ، والعقيلي ، في الضعفاء والطبراني ، في مسند الشاميين من طريق برد بن سنان عن مكحول عن غضيف بن الحارث عن عطية بن بسر المازني عن عكاف بن وداعة الهلالي ، وأخرج أبو يعلى في مسنده وابن منده في المعرفة من طريق بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن سليمان بن موسى عن مكحول عن غضيف بن الحارث عن عطية بن بسر المازني قال : جاء عكاف بن وداعة الهلالي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ ص: 168 ] يا عكاف ألك زوجة ؟ قال : لا ، قال : ولا جارية ؟ قال : لا ، قال : وأنت صحيح موسر ؟ قال نعم الحمد لله ، قال : فأنت إذن من إخوان الشياطين ، إما أن تكون من رهبان النصارى ، فأنت منهم وإما أن تكون منا فاصنع كما نصنع ، فإن من سنتنا النكاح ، شراركم عزابكم ، ويحك يا عكاف ، تزوج الحديث ، ثم ذكر الحافظ طرقا أخرى ، ثم قال : ولا يخلو طريق من طرقه من ضعف . انتهى . قوله : ( حديث أبي أيوب حديث حسن غريب ) في تحسين الترمذي هذا الحديث نظر ، فإنه قد تفرد به أبو الشمال ، وقد عرفت أنه مجهول إلا أن يقال : إن الترمذي عرفه ولم يكن عنده مجهولا ، أو يقال إنه حسنه لشواهده فروى نحوه عن غير أبي أيوب ، قال الحافظ في التلخيص بعد ذكر حديث أبي أيوب هذا : رواه أحمد ، والترمذي ، ورواه ابن أبي خيثمة ، وغيره من حديث مليح بن عبد الله عن أبيه عن جده نحوه ، ورواه الطبراني من حديث ابن عباس . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية