الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في لزوم السنة

                                                                      4604 حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا أبو عمرو بن كثير بن دينار عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السبع ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن حريز ) : بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وآخره زاي ( ابن عثمان ) : الرحبي الحمصي ، وفي بعض نسخ الكتاب جرير بالجيم وهو غلط فإن جرير بن عثمان بالجيم ليس في الكتب الستة أحدا من الرواة والله أعلم .

                                                                      والحديث سكت عنه المنذري .

                                                                      ( أوتيت الكتاب ) : أي القرآن ( ومثله معه ) : أي الوحي الباطن غير المتلو أو تأويل الوحي الظاهر وبيانه بتعميم وتخصيص وزيادة ونقص ، أو أحكاما ومواعظ وأمثالا تماثل القرآن في وجوب العمل ، أو في المقدار .

                                                                      قال البيهقي : هذا الحديث يحتمل وجهين أحدهما : أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أوتي من الظاهر المتلو ، والثاني أن معناه أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى ، وأوتي مثله من البيان أي أذن له أن يبين ما في الكتاب فيعم ويخص وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس في الكتاب له ذكر فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن .

                                                                      ( ألا يوشك ) : قال الخطابي : يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس له ذكر في القرآن على ما ذهب إليه الخوارج والروافض من الفرق الضالة فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا انتهى .

                                                                      ( رجل شبعان ) : هو كناية عن البلادة [ ص: 278 ] وسوء الفهم الناشئ عن الشبع أو عن الحماقة اللازمة للتنعم والغرور بالمال والجاه ( على أريكته ) : أي سريره المزين بالحلل والأثواب ، وأراد بهذه الصفة أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم من مظانه ( فأحلوه ) : أي اعتقدوه حلالا ( فحرموه ) : أي اعتقدوه حراما واجتنبوه ( ألا لا يحل لكم ) : بيان للمقسم الذي ثبت بالسنة وليس له ذكر في القرآن ( ولا لقطة ) : بضم اللام وفتح القاف ما يلتقط مما ضاع من شخص بسقوط أو غفلة ( معاهد ) : أي كافر بينه وبين المسلمين عهد بأمان ، وهذا تخصيص بالإضافة ، ويثبت الحكم في لقطة المسلم بالطريق الأولى ( إلا أن يستغني عنها صاحبها ) : أي يتركها لمن أخذها استغناء عنها ( فعليهم أن يقروه ) : بفتح الياء وضم الراء أي يضيفوه من قريت الضيف إذا أحسنت إليه ( فله أن يعقبهم ) : من الإعقاب بأن يتبعهم ويجازيهم من صنيعه . يقال أعقبه بطاعته إذا جازاه وروي بالتشديد يقال عقبهم مشددا ومخففا وأعقبهم إذا أخذ منهم عقبى وعقبة وهو أن يأخذ منهم بدلا عما فاته ، كذا في المرقاة ( بمثل قراه ) : بالكسر والقصر أي فله أن يأخذ منهم عوضا عما حرموه من القرى . قيل هذا في المضطر أو هو منسوخ وقد سبق الكلام عليه في كتاب الأطعمة .

                                                                      قال الخطابي : في الحديث دليل على أن لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب وأنه مهما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء كان حجة بنفسه فأما ما رواه بعضهم أنه قال إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فخذوه فإنه حديث باطل لا أصل له . وقد حكى زكريا الساجي عن يحيى بن معين أنه قال هذا حديث وضعته الزنادقة .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي حسن غريب من هذا الوجه ، وحديث أبي داود أتم من حديثهما .




                                                                      الخدمات العلمية