الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4018 حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( إلى عرية الرجل ) : قال النووي : ضبطناها على ثلاثة أوجه : عرية بكسر العين وإسكان الراء ، وعرية بضم العين وإسكان الراء ، وعرية بضم العين وفتح الراء وتشديد الياء وكلها صحيحة .

                                                                      قال أهل اللغة : عرية الرجل بضم العين وكسرها هي متجردة . والثالثة على التصغير انتهى .

                                                                      وفي النهاية : لا ينظر الرجل إلى عرية المرأة . هكذا جاء في بعض روايات مسلم يريد ما يعرى منها وينكشف ، والمشهور في الرواية : لا ينظر إلى عورة المرأة انتهى .

                                                                      والحديث فيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة وهذا [ ص: 46 ] لا خلاف فيه ، وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة ، والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالإجماع .

                                                                      ونبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة وذلك بالتحريم أولى وهذا التحريم في حق غير الأزواج والسادة أما الزوجان فلكل واحد منهما النظر إلى عورة صاحبه جميعها ، وأما السيد مع أمته فإن كان يملك وطأها فهما كالزوجين .

                                                                      قاله النووي : في شرح مسلم وأطال الكلام فيه ( ولا يفضي الرجل إلى الرجل ) : من باب الإفعال .

                                                                      قال في المصباح : أفضى الرجل بيده إلى الأرض مسها ببطن راحته ، وأفضى إلى امرأته باشرها وجامعها ، وأفضيت إلى الشيء وصلت إليه ، وفيه النهي عن اضطجاع الرجل مع الرجل في ثوب واحد ، وكذلك المرأة مع المرأة سواء كان بينهما حائل أو لم يكن بينهما حائل بأن يكونا متجردين .

                                                                      قال الطيبي : لا يجوز أن يضطجع رجلان في ثوب واحد متجردين ; وكذا المرأتان ومن فعل يعزر انتهى .

                                                                      قال النووي : فهو نهي تحريم إذا لم يكن بينهما حائل ، وفيه دليل على تحريم لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه كان وهذا متفق عليه ، وهذا مما تعم به البلوى ويتساهل فيه كثير من الناس باجتماع الناس في الحمام ، فيجب على الحاضر فيه أن يصون بصره ويده وغيرها عن عورة غيره ، وأن يصون عورته عن بصر غيره ويد غيره من قيم وغيره ، ويجب عليه إذا رأى من يخل بشيء من هذا أن ينكر عليه . قال العلماء : ولا يسقط عنه الإنكار بكونه يظن أن لا يقبل منه بل يجب عليه الإنكار إلا أن يخاف على نفسه أو غيره فتنة والله أعلم .

                                                                      وأما كشف الرجل عورته في حال الخلوة بحيث لا يراه آدمي فإن كان لحاجة جاز وإن كان لغير حاجة ففيه خلاف العلماء انتهى مختصرا .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه [ ص: 47 ]




                                                                      الخدمات العلمية