الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2086 حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أم حبيبة أنها كانت عند ابن جحش فهلك عنها وكان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة فزوجها النجاشي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عندهم [ ص: 82 ] [ ص: 83 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 82 ] [ ص: 83 ] ( عن أم حبيبة ) : أم المؤمنين بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس ( أنها كانت عند ابن جحش ) : اسمه عبيد الله بالتصغير .

                                                                      أسلمت أم حبيبة قديما بمكة وأسلم عبيد الله بن جحش أيضا وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبيد الله فتنصر زوجها بالحبشة ومات بها وأبت هي أن تتنصر وثبتت على إسلامها ففارقها ( فهلك ) : عبيد الله بن جحش أي مات ( عنها ) : أي عن أم حبيبة ( فزوجها ) : من التزويج أي أم حبيبة ( النجاشي ) ملك الحبشة وهو فاعل قوله زوجها ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : المفعول الثاني ( وهي ) : أي أم حبيبة ( عندهم ) أي عند أهل الحبشة مقيمة ما قدمت بالمدينة . قال ابن الأثير في أسد الغابة : تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي بالحبشة زوجها منه عثمان بن عفان ، وقيل عقد عليها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية وأمهرها النجاشي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعمائة دينار وأولم عليها عثمان لحما ، وقيل أولم عليها النجاشي وحملها شرحبيل بن حسنة إلى المدينة . [ ص: 84 ] وقد قيل إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بالمدينة . روى مسلم بن الحجاج في صحيحه أن أبا سفيان طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجها فأجابه إلى ذلك ، وهذا مما يعد من أوهام مسلم ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد تزوجها وهي بالحبشة قبل إسلام أبي سفيان لم يختلف أهل السير في ذلك ، ولما جاء أبو سفيان إلى المدينة قبل الفتح لما أوقعت قريش بخزاعة ونقضوا عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخاف فجاء إلى المدينة ليجدد العهد فدخل على ابنته أم حبيبة فلم تتركه يجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت أنت مشرك . وقال قتادة : لما عادت من الحبشة مهاجرة إلى المدينة خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتزوجها وكذلك روى الليث عن عقيل عن ابن شهاب ، وروى معمر عن الزهري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بالحبشة وهو أصح ، ولما بلغ الخبر إلى أبي سفيان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكح أم حبيبة ابنته قال ذلك الفحل لا يقدع أنفه وتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ست وتوفيت سنة أربع وأربعين انتهى . [ ص: 85 ] وقال الحافظ في الإصابة أخرج ابن سعد من طريق إسماعيل بن عمرو بن سعيد الأموي قال قالت أم حبيبة رأيت في المنام كأن زوجي عبيد الله بن جحش بأسوأ صورة ففزعت فأصبحت فإذا به قد تنصر فأخبرته بالمنام فلم يحفل به وأكب على الخمر حتى مات فأتاني آت في نومي فقال يا أم المومنين ففزعت فما هو إلا أن انقضت عدتي فما شعرت إلا برسول النجاشي يستأذن فإذا هي جارية له يقال لها أبرهة فقالت إن الملك يقول لك وكلي من يزوجك ، فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص بن أمية فوكلته فأعطيت أبرهة سوارين من فضة ، فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين ، فحضروا فخطب النجاشي فحمد الله وأثنى عليه وتشهد ثم قال أما بعد فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة فأجبت وقد أصدقتها عنه أربعمائة دينار ثم سكب الدنانير ، [ ص: 86 ] فخطب خالد فقال قد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجته أم حبيبة وقبض الدنانير ، وعمل لهم النجاشي طعاما فأكلوا . قالت أم حبيبة فلما وصل إلي المال أعطيت أبرهة منه خمسين دينارا . قالت فردتها علي وقالت إن الملك عزم علي بذلك وردت علي ما كنت أعطيتها أولا ، ثم جاءتني من الغد بعود وورس وعنبر وزباد كثير فقدمت به معي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                      وروى ابن سعد أن ذلك كان سنة سبع وقيل كان سنة ست والأول أشهر .

                                                                      ومن طريق الزهري أن الرسول إلى النجاشي بعث بها مع شرحبيل بن حسنة ومن طريق أخرى أن الرسول إلى النجاشي بذلك كان عمرو بن أمية الضمري انتهى كلام الحافظ . ومطابقة الباب بقوله فزوجها النجاشي لأن أباها أبا سفيان لم يكن أسلم ذلك الزمان وكانت أم حبيبة أسلمت فلم يكن أبو سفيان وليها فزوجها النجاشي لأن السلطان ولي من لا ولي له . وعلى رواية ابن سعد كما في الإصابة وعلى رواية زبير بن بكار كما في أسد الغابة : كان خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس أخو أم حبيبة حاضرا ومتوليا لأمر النكاح ، ويجيء بعض البيان في باب الصداق والله أعلم .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي بنحوه .




                                                                      الخدمات العلمية