الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              3958 حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن المشعث بن طريف عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنت يا أبا ذر وموتا يصيب الناس حتى يقوم البيت بالوصيف يعني القبر قلت ما خار الله لي ورسوله أو قال الله ورسوله أعلم قال تصبر قال كيف أنت وجوعا يصيب الناس حتى تأتي مسجدك فلا تستطيع أن ترجع إلى فراشك ولا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك قال قلت الله ورسوله أعلم أو ما خار الله لي ورسوله قال عليك بالعفة ثم قال كيف أنت وقتلا يصيب الناس حتى تغرق حجارة الزيت بالدم قلت ما خار الله لي ورسوله قال الحق بمن أنت منه قال قلت يا رسول الله أفلا آخذ بسيفي فأضرب به من فعل ذلك قال شاركت القوم إذا ولكن ادخل بيتك قلت يا رسول الله فإن دخل بيتي قال إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق طرف ردائك على وجهك فيبوء بإثمه وإثمك فيكون من أصحاب النار

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( وموتا يصيب الناس ) أي : بالمدينة لا الحمى كما في بعض الروايات (حتى يقوم ) من التقويم (بالوصيف ) أي : بالعبد ، قيل : المراد بالبيت القبر ، أي : يباع موضع القبر بعبد وصيف عن ارتفاع مواضع القبور من الأموات ، أو ليبلغ أجرة الحفار قيمة العبد لكثرة الموتى وقلة الحفارين واشتغالهم بالمعيشة ، وقيل : المراد بالبيت المتعارف والمعنى أن البيوت تصير رخيصة لكثرة الموت وقلة من يسكنها فيباع البيت بعبد مع أن البيت عادة يكون أكثر قيمة (بالعفة ) أي : لكف الناس عن الوقوع في الحرام (حتى تغرق ) من غرق في الماء كسمع ( حجارة الزيت ) موضع بالمدينة في الحرة سمي بها لسواد الحجارة كأنها طليت بالزيت ، أي : الدم يعلو حجارة الزيت ويسترها لكثرة القتلى ، وهذا إشارة إلى وقعة الحرة التي كانت زمن يزيد (بمن أنت منه ) أي : بأهلك وعشيرتك الذي خرجت من عندهم ، أي : ارجع إليهم (فإذا دخل ) [ ص: 469 ] على بناء المفعول (إن خشيت ) فمكنه من نفسك فإن قدرت على ذلك فهو المطلوب ، وإلا بأن غلبك ضوء السيف وبريقه فغط وجهك حتى يقتلك ، قيل : المراد الإخبار بهذه الوقائع على احتمال أن أبا ذر لعله يدركها ، وإلا فأبو ذر مات قبل وقعة الحرة فإنه مات في خلافة عثمان ، وأما وقوع الجوع والموت بالمدينة فيحتمل أنه أدركها أبو ذر لأنه وقع قحط وموت بها في عام الرمادة وغيره .




                                                                              الخدمات العلمية