الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              1573 حدثنا محمد بن إسمعيل بن البختري الواسطي حدثنا يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم عن أبيه قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان فأين هو قال في النار قال فكأنه وجد من ذلك فقال يا رسول الله فأين أبوك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار قال فأسلم الأعرابي بعد وقال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبا ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( وكان وكان ) أي وكان يفعل كذا وكان يفعل كذا من الخيرات (حيثما مررت بقبر كافر إلخ ) وفي رواية مسلم عن أنس أنه قال له إن أبي وأباك في النار [ ص: 477 ] قال السيوطي وإنما ذكرها حماد بن مسلمة عن ثابت وقد خالفه معمر عن ثابت فلم يذكره ولكن قال إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار ولا دلالة في هذا اللفظ على حال الوالد وهو أثبت فإن معمرا أثبت من حماد فإن حمادا تكلم في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير ولم يخرج له البخاري ولا خرج له مسلم في الأصول إلا من روايته عن ثابت وأما معمر فلم يتكلم في حفظه ولا استنكر شيء من حديثه واتفق على التخريج له الشيخان فكان لفظه أثبت ثم وجدنا الحديث ورد من حديث سعد بن أبي وقاص بمثل لفظ معمر عن ثابت عن أنس أخرجه البزار والطبراني والبيهقي وكذا من حديث ابن عمر رواه ابن ماجه فتعين الاعتماد على هذا اللفظ وتقديمه على غيره فعلم أن رواية مسلم من تصرف الرواة بالمعنى على حسب فهمه على أنه لو صح يحمل فيه الأب على العم ولهذا قال السيوطي في حاشية الكتاب هذا أي سنن ابن ماجه من محاسن الأجوبة أنه لما وجد الأعرابي في نفسه لاطفه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعدل إلى جواب عام في كل مشرك ولم يتعرض إلى الجواب عن والده ـ صلى الله عليه وسلم ـ بنفي ولا إثبات وقال ولم يعرف لوالده ـ صلى الله عليه وسلم ـ حالة شرك مع صغر سنه جدا فإنه توفي وهو ابن ست عشرة سنة وقد روي أن الله تعالى أحيا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والديه حتى آمنا به والذي يقطع به أنهما في الجنة ومن أقوى الحجج على ذلك أنهما من أهل الفترة وقد أطبق أئمتنا الشافعية والأشعرية على أن من لم تبلغه الدعوة لا يعذب ويدخل الجنة لقوله تعالى وما كنا معذبين الآية وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة ورد من عدة طرق في حق الشيخ الهرم ومن مات في الفترة ومن ولد أكمه أعمى أصم ومن ولد مجنونا أو طرأ عليه الجنون قبل أن يبلغ ونحو ذلك أن كلا منهم يأتي بحجة ويقول لو عقلت أو ذكرت لآمنت فترفع لهم نار ويقال ادخلوها فمن دخلها كانت له بردا وسلاما ومن امتنع أدخلها كرها ونحن نرجو أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعا إلا أبا طالب ا هـ وكأن المصنف أخذ الترجمة من لفظ حيثما مررت بقبر مشرك لأنه نوع من الزيارة وفيه تأمل وفي الزوائد إسناد هذا الحديث صحيح والله أعلم .




                                                                              الخدمات العلمية