الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1668 حدثنا علي بن حجر السعدي وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالوا حدثنا إسمعيل وهو ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزأهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال له قولا شديدا حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد ح وحدثنا إسحق بن إبراهيم وابن أبي عمر عن الثقفي كلاهما عن أيوب بهذا الإسناد أما حماد فحديثه كرواية ابن علية وأما الثقفي ففي حديثه أن رجلا من الأنصار أوصى عند موته فأعتق ستة مملوكين وحدثنا محمد بن منهال الضرير وأحمد بن عبدة قالا حدثنا يزيد بن زريع حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث ابن علية وحماد [ ص: 297 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 297 ] ( قوله : إن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم ، فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجزأهم أثلاثا ، ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة ، وقال له قولا شديدا ) وفي رواية : ( أن رجلا من الأنصار أوصى عند موته فأعتق ستة مملوكين ) قوله : ( فجزأهم ) هو بتشديد الزاي وتخفيفها لغتان مشهورتان ذكرهما ابن السكيت وغيره ، ومعناه : قسمهم .

                                                                                                                وأما قوله : ( وقال له قولا شديدا ) فمعناه : قال في شأنه قولا شديدا كراهية لفعله ، وتغليظا عليه ، وقد جاء في رواية أخرى تفسير هذا القول الشديد : قال : " لو علمنا ما صلينا عليه " وهذا محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم وحده كان يترك الصلاة عليه تغليظا وزجرا لغيره على مثل فعله .

                                                                                                                وأما أصل الصلاة عليه فلا بد من وجودها من بعض الصحابة . وفي هذا الحديث دلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود وابن جرير والجمهور في إثبات القرعة في العتق ونحوه ، وأنه إذا أعتق عبيدا في مرض موته أو أوصى بعتقهم ولا يخرجون من الثلث أقرع بينهم ، فيعتق ثلثهم بالقرعة ، وقال أبو حنيفة : القرعة باطلة لا مدخل لها في ذلك ; بل يعتق من كل واحد قسطه ، ويستسعى في الباقي لأنها خطر ، وهذا مردود بهذا الحديث الصحيح وأحاديث كثيرة ، وقوله في الحديث : ( فأعتق اثنين وأرق أربعة ) صريح في الرد على أبي حنيفة ، وقد قال بقول أبي حنيفة الشعبي والنخعي وشريح والحسن ، وحكي أيضا عن ابن المسيب .

                                                                                                                قوله في الطريق الأخير : ( حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين ) هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم فقال : لم يسمعه ابن سيرين من عمران فيما يقال ، وإنما سمعه من خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران ، قاله ابن المديني ، قلت : وليس في هذا تصريح بأن ابن سيرين لم يسمع من عمران ، ولو ثبت عدم سماعه منه لم يقدح ذلك في صحة هذا الحديث ، ولم يتوجه على الإمام مسلم فيه عتب ; لأنه إنما ذكره متابعة بعد ذكره الطرق الصحيحة الواضحة ، وقد سبق لهذا نظائر . والله أعلم بالصواب .




                                                                                                                الخدمات العلمية