الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قوله ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها

                                                                                                                                                                                                        4211 حدثنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال عمر رضي الله عنه أقرؤنا أبي وأقضانا علي وإنا لندع من قول أبي وذاك أن أبيا يقول لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها [ ص: 17 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 17 ] قوله : باب قوله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها كذا لأبي ذر ننسها بضم أوله وكسر السين بغير همز ، ولغيره " ننسأها " والأول قراءة الأكثر واختارها أبو عبيدة وعليه أكثر المفسرين ، والثانية قراءة ابن كثير وأبي عمرو وطائفة ، وسأذكر توجيههما ، وفيها قراءات أخرى في الشواذ .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا يحيى ) هو القطان ، وسفيان هو الثوري .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن حبيب ) هو ابن أبي ثابت ، وورد منسوبا في رواية صدقة بن الفضل عن يحيى القطان في فضائل القرآن ، وفي رواية الإسماعيلي من طريق ابن خلاد " عن يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنا حبيب " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال : عمر أقرؤنا أبي وأقضانا علي ) كذا أخرجه موقوفا ، وقد أخرجه الترمذي وغيره من طريق أبي قلابة عن أنس مرفوعا في ذكر أبي وفيه ذكر جماعة وأوله أرحم أمتي بأمتي أبو بكر - وفيه - وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب الحديث وصححه ، لكن قال غيره : إن الصواب إرساله ، وأما قوله وأقضانا علي فورد في حديث مرفوع أيضا عن أنس رفعه أقضى أمتي علي بن أبي طالب أخرجه البغوي ، وعن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأقضاهم علي الحديث ورويناه موصولا في فوائد أبي بكر محمد بن العباس بن نجيح " من حديث أبي سعيد الخدري مثله ، وروى البزار من حديث ابن مسعود قال : " كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وإنا لندع من قول أبي ) في رواية صدقة " من لحن أبي " واللحن اللغة ، وفي رواية ابن خلاد " وإنا لنترك كثيرا من قراءة أبي " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) في رواية صدقة أخذته من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أتركه لشيء لأنه بسماعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحصل له العلم القطعي به ، فإذا أخبره غيره عنه بخلافه لم ينتهض معارضا له حتى يتصل إلى درجة العلم القطعي ، وقد لا يحصل ذلك غالبا .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه )

                                                                                                                                                                                                        هذا الإسناد فيه ثلاثة من الصحابة في نسق : ابن عباس عن عمر عن أبي بن كعب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقد قال الله تعالى إلخ ) هو مقول عمر محتجا به على أبي بن كعب ومشيرا إلى أنه ربما قرأ ما نسخت تلاوته لكونه لم يبلغه النسخ ، واحتج عمر لجواز وقوع ذلك بهذه الآية . وقد أخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " خطبنا عمر فقال : إن الله يقول : ( ما ننسخ من آية أو ننسأها ) أي نؤخرها " وهذا يرجح رواية من قرأ بفتح أوله وبالهمز ، وأما قراءة من قرأ بضم أوله فمن النسيان ، وكذلك كان سعيد بن المسيب يقرؤها فأنكر عليه سعد بن أبي وقاص أخرجه النسائي وصححه الحاكم ، وكانت قراءة سعد " أو تنساها " بفتح المثناة خطابا للنبي - صلى الله عليه وسلم - واستدل بقوله تعالى سنقرئك فلا تنسى وروى ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : " ربما نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي بالليل ونسيه بالنهار فنزلت " واستدل بالآية المذكورة على وقوع النسخ خلافا لمن شذ فمنعه ، وتعقب بأنها قضية شرطية [ ص: 18 ] لا تستلزم الوقوع ، وأجيب بأن السياق وسبب النزول كان في ذلك لأنها نزلت جوابا لمن أنكر ذلك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية