الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4178 حدثنا سعيد بن عفير قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فأذن له فخرج وهو بين الرجلين تخط رجلاه في الأرض بين عباس بن عبد المطلب وبين رجل آخر قال عبيد الله فأخبرت عبد الله بالذي قالت عائشة فقال لي عبد الله بن عباس هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة قال قلت لا قال ابن عباس هو علي بن أبي طالب وكانت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل بيتي واشتد به وجعه قال هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي أعهد إلى الناس فأجلسناه في مخضب لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب حتى طفق يشير إلينا بيده أن قد فعلتن قالت ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الحادي عشر قوله : ( لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي في وجعه . وفي رواية معمر عن [ ص: 748 ] الزهري أن ذلك كان في بيت ميمونة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( استأذن أزواجه أن يمرض ) بضم أوله وفتح الميم وتشديد الراء ، وذكر ابن سعد بإسناد صحيح عن الزهري أن فاطمة هي التي خاطبت أمهات المؤمنين بذلك فقالت لهن : أنه يشق عليه الاختلاف . وفي رواية ابن أبي مليكة عن عائشة أن دخوله بيتها كان يوم الاثنين ، ومات يوم الاثنين الذي يليه . وقد مضى شرح هذا الحديث في أبواب الإمامة وفي كتاب الطهارة . وذكرت في أبواب الإمامة طرفا من الاختلاف في اسم الذي كان يتكئ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع العباس . وقد وقع في رواية لمسلم عن عائشة " فخرج بين الفضل بن العباس ورجل آخر " وفي أخرى " رجلين أحدهما أسامة " وعند الدارقطني " أسامة والفضل " وعند ابن حبان في آخره " بريرة ونوبة " بضم النون وسكون الواو ثم موحدة ضبطه ابن ماكولا وأشار إلى هذه الرواية ، واختلف هل هو اسم عبد أو أمة ، فجزم سيف في الفتوح بأنه عبد ، وعند ابن سعد من وجه آخر " الفضل وثوبان " وجمعوا بين هذه الروايات على تقدير ثبوتها بأن خروجه تعدد فيتعدد من اتكأ عليه ، وهو أولى من قول من قال : تناوبوا في صلاة واحدة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( في بيتي ) وفي رواية يزيد بن بابنوس عن عائشة عند أحمد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لنسائه : إني لا أستطيع أن أدور بيوتكن ، فإذا شئتن أذنتن لي ، وسيأتي بعد قليل من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنه " كان يقول : أين أنا غدا ؟ يريد يوم عائشة " وكان أول ما بدأ مرضه في بيت ميمونة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من سبع قرب ) قيل الحكمة في هذا العدد أن له خاصية في دفع ضرر السم والسحر ، وقد ذكر في أوائل الباب " هذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم " وتمسك به بعض من أنكر نجاسة سؤر الكلب وزعم أن الأمر بالغسل منه سبعا إنما هو لدفع السمية التي في ريقه ، وقد ثبت حديث من تصبح بسبع تمرات من عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر وللنسائي في قراءة الفاتحة على المصاب سبع مرات وسنده صحيح ، وفي صحيح مسلم القول لمن به وجع " أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات " وفي النسائي من قال عند مريض لم يحضر أجله : أسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم ، أن يشفيك سبع مرات وفي مرسل أبي جعفر عند ابن أبي شيبة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : أين أكون غدا ؟ كررها ، فعرفت أزواجه أنه إنما يريد عائشة ، فقلن : يا رسول الله قد وهبنا أيامنا لأختنا عائشة وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه عند الإسماعيلي كان يقول : أين أنا ؟ حرصا على بيت عائشة ، فلما كان يومي سكن ، وأذن له نساؤه أن يمرض في بيتي وقوله : " وكانت عائشة تحدث " هو موصول بالإسناد المذكور ، وكذا قوله : أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : هو مقول الزهري وهو موصول : وقد مضى القول فيه قريبا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم ) تقدم في فضل أبي بكر من حديث ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب في مرضه - فذكر الحديث وقال فيه - : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر الحديث ، وفيه : أنه آخر مجلس جلسه " ولمسلم من حديث جندب أن ذلك قبل موته بخمس ، فعلى هذا يكون يوم الخميس ، ولعله كان بعد أن وقع عنده اختلافهم ولغطهم كما تقدم قريبا وقال لهم : قوموا ، فلعله وجد بعد ذلك خفة فخرج . وقوله : وأخبرني عبيد الله أن عائشة قالت إلخ . هو مقول الزهري أيضا وموصول أيضا ، وإنما فصل ذلك ليبين ما هو عند شيخه عن ابن عباس وعائشة معا وعن عائشة فقط .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية