الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3268 حدثني محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن فرات القزاز قال سمعت أبا حازم قال قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء فيكثرون قالوا فما تأمرنا قال فوا ببيعة الأول فالأول أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثالث قوله : ( عن فرات القزاز ) بقاف وزايين معجمتين وهو فرات بضم الفاء وتخفيف الراء آخره مثناة ابن عبد الرحمن ، وأبو حازم هو سلمان الأشجعي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تسوسهم الأنبياء ) أي أنهم كانوا إذا ظهر فيهم فساد بعث الله لهم نبيا لهم يقيم أمرهم ويزيل ما غيروا من أحكام التوراة ، وفيه إشارة إلى أنه لا بد للرعية من قائم بأمورها يحملها على الطريق الحسنة وينصف المظلوم من الظالم .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 574 ] قوله : ( وإنه لا نبي بعدي ) أي فيفعل ما كان أولئك يفعلون .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وسيكون خلفاء ) أي بعدي ، وقوله : ( فيكثرون ) بالمثلثة وحكى عياض أن منهم من ضبطه بالموحدة وهو تصحيف ، ووجه بأن المراد إكبار قبيح فعلهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فوا ) فعل أمر بالوفاء ، والمعنى أنه إذا بويع الخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها وبيعة الثاني باطلة ، قال النووي : سواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول أم لا ، سواء كانوا في بلد واحد أو أكثر . سواء كانوا في بلد الإمام المنفصل أم لا . هذا هو الصواب الذي عليه الجمهور ، وقيل : تكون لمن عقدت له في بلد الإمام دون غيره ، وقيل : يقرع بينهما قال : وهما قولان فاسدان ، وقال القرطبي : في هذا الحديث حكم بيعة الأول وأنه يجب الوفاء بها ، وسكت عن بيعة الثاني . وقد نص عليه في حديث عرفجة في صحيح مسلم حيث قال : فاضربوا عنق الآخر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أعطوهم حقهم ) أي أطيعوهم وعاشروهم بالسمع والطاعة ، فإن الله يحاسبهم على ما يفعلونه بكم ، وستأتي تتمة القول في ذلك في أوائل كتاب الفتن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فإن الله سائلهم عما استرعاهم ) هو كحديث ابن عمر المتقدم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وسيأتي شرحه في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى . وفي الحديث تقديم أمر الدين على أمر الدنيا لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بتوفية حق السلطان لما فيه من إعلاء كلمة الدين وكف الفتنة والشر ; وتأخير أمر المطالبة بحقه لا يسقطه ، وقد وعده الله أنه يخلصه ويوفيه إياه ولو في الدار الآخرة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية