الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 320 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ( 56 ) )

يقول - تعالى ذكره - : إن الله وملائكته يبركون على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - .

كما حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه ) يقول : يباركون على النبي . وقد يحتمل أن يقال : إن معنى ذلك : أن الله يرحم النبي ، وتدعو له ملائكته ويستغفرون ، وذلك أن الصلاة في كلام العرب من غير الله إنما هو دعاء . وقد بينا ذلك فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده ، فأغنى ذلك عن إعادته .

( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه ) يقول - تعالى ذكره - : يا أيها الذين آمنوا ادعوا لنبي الله محمد - صلى الله عليه وسلم - ( وسلموا تسليما ) يقول : وحيوه تحية الإسلام .

وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد قال : ثنا هارون ، عن عنبسة ، عن عثمان بن موهب ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه قال : أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : سمعت الله يقول ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) الآية ، فكيف الصلاة عليك؟ فقال : " قل : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد " .

حدثني جعفر بن محمد الكوفي قال : ثنا يعلى بن الأجلح ، عن [ ص: 321 ] الحكم بن عتيبة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة قال : لما نزلت ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) قمت إليه ، فقلت : السلام عليك قد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال : " قل : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد " .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا مالك بن إسماعيل قال : ثنا أبو إسرائيل ، عن يونس بن خباب قال : خطبنا بفارس فقال : ( إن الله وملائكته . . . ) الآية ، فقال : أنبأني من سمع ابن عباس يقول : هكذا أنزل ، فقلنا : أو قالوا : يا رسول الله ، قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك؟ فقال : " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد " .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن زياد ، عن إبراهيم في قوله : ( إن الله وملائكته . . . ) الآية ، قالوا : يا رسول الله ، هذا السلام قد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك؟ فقال : قولوا " اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد " .

حدثني يعقوب الدورقي قال : ثنا ابن علية قال : ثنا أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود الأنصاري قال : لما نزلت ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) قالوا : يا رسول الله ، هذا السلام قد عرفناه ، فكيف الصلاة وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال : " قولوا : اللهم صل على محمد كما صليت على آل إبراهيم ، اللهم بارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم " .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) [ ص: 322 ] قال : لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله ، قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال : " قولوا : اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد كما باركت على إبراهيم " . وقال الحسن : اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد ، كما جعلتها على إبراهيم ، إنك حميد مجيد " .

التالي السابق


الخدمات العلمية