الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السابعة : وأجمع القراء السبعة وجمهور الناس على رفع الدال من الحمد لله . وروي عن سفيان بن عيينة ورؤبة بن العجاج : الحمد لله بنصب الدال ; وهذا على إضمار فعل . ويقال : الحمد لله بالرفع مبتدأ وخبر ، وسبيل الخبر أن يفيد ; فما الفائدة في هذا ؟ فالجواب أن سيبويه قال : إذا قال الرجل الحمد لله بالرفع ففيه من المعنى مثل ما في قولك : حمدت الله حمدا ; إلا أن الذي يرفع الحمد يخبر أن الحمد منه ومن جميع الخلق لله ; والذي ينصب الحمد يخبر أن الحمد منه وحده لله . وقال غير سيبويه . إنما يتكلم بهذا تعرضا لعفو الله ومغفرته وتعظيما له وتمجيدا ; فهو خلاف معنى الخبر وفيه معنى السؤال . وفي الحديث : من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين . وقيل : إن مدحه عز وجل لنفسه وثناءه عليها ليعلم ذلك عباده ; فالمعنى على هذا : قولوا الحمد لله . قالالطبري : الحمد لله ثناء أثنى به على نفسه ، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه ; فكأنه قال : قولوا الحمد لله ; وعلى هذا يجيء قولوا إياك . وهذا من حذف العرب ما يدل ظاهر الكلام عليه ; كما قال الشاعر :

وأعلم أنني سأكون رمسا إذا سار النواعج لا يسير     فقال السائلون لمن حفرتم
فقال القائلون لهم وزير



المعنى : المحفور له وزير فحذف لدلالة ظاهر الكلام عليه ، وهذا كثير . وروي عن ابن أبي عبلة : الحمد لله بضم الدال واللام على إتباع الثاني الأول ; وليتجانس اللفظ ، وطلب التجانس في اللفظ كثير في كلامهم ; نحو : أجوءك ، وهو منحدر من الجبل ، بضم الدال والجيم . قال : اضرب الساقين أمك هابل [ ص: 134 ] بضم النون لأجل ضم الهمزة . وفي قراءة لأهل مكة " مردفين " بضم الراء إتباعا للميم ، وعلى ذلك " مقتلين " بضم القاف . وقالوا : لإمك ، فكسروا الهمزة إتباعا للام ; وأنشد للنعمان بن بشير :

ويل امها في هواء الجو طالبة     ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب



الأصل : ويل لأمها ; فحذفت اللام الأولى واستثقل ضم الهمزة بعد الكسرة فنقلها للام ثم أتبع اللام الميم . وروي عن الحسن بن أبي الحسن وزيد بن علي : الحمد لله بكسر الدال على اتباع الأول الثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية