الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب السجدة الثانية ولزوم الطمأنينة في الركوع والسجود والرفع عنهما

                                                                                                                                            760 - ( عن أبي هريرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى كما صلى ، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى كما صلى ، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ارجع فصلي فإنك لم تصل ثلاثا : فقال : والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني ، فقال : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تعتدل قائما ، ثم اسجد حتى تطمئن [ ص: 306 ] ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها } متفق عليه لكن ليس لمسلم فيه ذكر السجدة الثانية ، وفي رواية لمسلم : { إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر } . الحديث ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث فيه زيادات وله طرق ، وسنشير إلى بعضها عند الكلام على مفرداته . وفي الباب عن رفاعة بن رافع عند الترمذي وأبي داود والنسائي . وعن عمار بن ياسر أشار إليه الترمذي . قوله : ( فدخل رجل ) هو خلاد بن رافع كذا بينه ابن أبي شيبة

                                                                                                                                            قوله : ( فصلى ) زاد النسائي ركعتين وفيه إشعار بأنه صلى نفلا . قال الحافظ : والأقرب أنها تحية المسجد . قوله : ( ثم جاء فسلم ) زاد البخاري فرد النبي صلى الله عليه وسلم وفي مسلم وكذا البخاري في الاستئذان من رواية ابن نمير فقال : وعليك السلام . وهذه الزيادة ترد ما قاله ابن المنير من أن الموعظة في وقت الحاجة أهم من رد السلام . واستدل بالحديث قال : ولعله لم يرد عليه تأديبا له على جهله ولعله لم يستحضر هذه الزيادة

                                                                                                                                            قوله : ( فإنك لم تصل ) قال عياض : فيه أن أفعال الجاهل في العبادة على غير علم لا تجزئ ، وهذا مبني على أن المراد بالنفي نفي الإجزاء وهو الظاهر ومن حمله على نفي الكمال تمسك بأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالإعادة بعد التعليم فدل على إجزائها وإلا لزم تأخير البيان ، كذا قال بعض المالكية ، وتعقب بأنه قد أمره في المرة الأخيرة بالإعادة فسأله التعليم فعلمه فكأنه قال له أعد صلاتك على غير هذه الكيفية . وقد احتج لتوجه النفي إلى الكمال بما وقع في بعض روايات الحديث عند أبي داود والترمذي من حديث رفاعة بلفظ : { فإن انتقصت منه شيئا انتقصت من صلاتك } وكان أهون عليهم من الأول أنه من انتقص من ذلك شيئا انتقص من صلاته ولم تذهب كلها قالوا : والنقص لا يستلزم الفساد وإلا لزم في ترك المندوبات لأنها تنتقص بها الصلاة . وقد قدمنا الجواب عن هذا الاحتجاج في شرح أول حديث من أبواب صفة الصلاة

                                                                                                                                            قوله : ( ثلاثا ) في رواية للبخاري " فقال في الثالثة ، أو في التي بعدها " وفي أخرى له " فقال في الثانية أو في الثالثة " ورواية الكتاب أرجح لعدم الشك فيها ولكونه صلى الله عليه وسلم كان من عادته استعمال الثلاث في تعليمه . قوله : ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ) وفي رواية للبخاري { إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر } وهي في مسلم أيضا كما قال المصنف .

                                                                                                                                            وفي رواية للبخاري أيضا والترمذي وأبي داود { فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد وأقم } والمراد بقوله " ثم تشهد " الأمر بالشهادتين عقيب الوضوء لا التشهد في الصلاة كذا قال ابن رسلان وهو الظاهر من السياق لأنه جعله مرتبا على الوضوء ، ورتب عليه الإقامة والتكبير والقراءة كما في رواية أبي داود . والمراد بقوله وأقم الأمر بالإقامة

                                                                                                                                            وفي رواية للنسائي وأبي داود { ثم يكبر ويحمد الله [ ص: 307 ] ويثني عليه } إلا أنه قال النسائي : يمجده مكان يثني عليه ، ثم ساق أبو داود في هذه الرواية الأمر بتكبير الانتقال في جميع الأركان والتسميع وهي تدل على وجوبه ، وقد تقدم البحث عن ذلك وظاهر

                                                                                                                                            قوله " فكبر " في رواية حديث الباب وجوب تكبيرة الافتتاح وقد تقدم الكلام على ذلك في أوائل أبواب صفة الصلاة . قوله : ( { ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن } ) في رواية لأبي داود والنسائي من حديث رفاعة { فإن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله تعالى وكبره وهلله } وفي رواية لأبي داود من حديث رفاعة : { ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله } ولأحمد وابن حبان { ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت } وقد تمسك بحديث الباب من لم يوجب قراءة الفاتحة في الصلاة . وأجيب عنه بهذه الروايات المصرحة . بأم القرآن وقد تقدم البحث عن ذلك في باب وجوب قراءة الفاتحة

                                                                                                                                            قوله : ( ثم اركع حتى تطمئن ) وفي رواية لأحمد وأبي داود { فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك ومكن ركوعك } . قوله : ( { ارفع حتى تعتدل قائما } ) في رواية لابن ماجه " تطمئن " وهي على شرط مسلم ، وأخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده وأبو نعيم في مستخرجه والسراج عن يوسف بن موسى أحد شيوخ البخاري . قال الحافظ : فثبت ذكر الطمأنينة في الاعتدال على شرط الشيخين ، ومثله في حديث رفاعة عند أحمد وابن حبان .

                                                                                                                                            وفي لفظ لأحمد { فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها } وهذه الروايات ترد مذهب من لم يوجب الطمأنينة وقد تقدم الكلام في ذلك . قوله : ( { ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا } ) فيه دليل على وجوب السجود وهو إجماع ووجوب الطمأنينة فيه خلافا لأبي حنيفة

                                                                                                                                            قوله : ( { ثم ارفع حتى تطمئن جالسا } ) فيه دلالة على وجوب الرفع والطمأنينة فيه ولا خلاف في ذلك . وقال أبو حنيفة : يكفي أدنى رفع . وقال مالك : يكون أقرب إلى الجلوس . قوله : ( ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ) فيه أيضا وجوب السجود والطمأنينة فيه ولا خلاف في ذلك . وقد استدل بهذا الحديث على عدم وجوب قعدة الاستراحة . وسيأتي الكلام على ذلك في الباب الذي بعد هذا ولكنه قد ثبت في رواية للبخاري من رواية ابن نمير في باب الاستئذان بعد ذكر السجود الثاني بلفظ : { ثم ارفع حتى تطمئن جالسا } وهي تصلح للتمسك بها على الوجوب ولكنه لم يقل به أحد على أنه قد أشار البخاري إلى أن ذلك وهم لأنه عقبها بقوله : قال أبو أسامة في الأخير { حتى يستوي قائما } . ويمكن أن يحمل إن كان محفوظا على الجلوس للتشهد انتهى

                                                                                                                                            فشكك البخاري هذه الرواية التي ذكرها ابن نمير بمخالفة أبي أسامة وبقوله : { إن كان محفوظا } . قال في البدر المنير ما معناه : وقد أثبت هذه الزيادة إسحاق بن راهويه في مسنده عن أبي أسامة كما قال ابن نمير ، وكذلك البيهقي من طريقه ، وزاد أبو داود في حديث رفاعة { فإذا جلست في وسط الصلاة يعني التشهد [ ص: 308 ] الأوسط فاطمئن وافرش فخذك ثم تشهد } الحديث يدل على وجوب الطمأنينة في جميع الأركان . كما تقدم ، وقد جزم كثير من العلماء بأن واجبات الصلاة هي المذكورة في طريق هذا الحديث ، واستدلوا به على عدم وجوب ما لم يذكر فيه ، قال ابن دقيق العيد : تكرر من الفقهاء الاستدلال بهذا الحديث على وجوب ما ذكر فيه وعدم وجوب ما لم يذكر فيه فأما وجوب ما ذكر فيه فلتعلق الأمر به وأما عدم وجوب غيره فليس ذلك بمجرد كون الأصل عدم الوجوب بل لأمر زائد على ذلك وهو أن الموضع موضع تعليم وبيان للجاهل وتعريف لواجبات الصلاة ، وذلك يقتضي انحصار الواجبات فيما ذكر ، ويقوي مرتبة الحصر أنه صلى الله عليه وسلم ذكر ما تعلقت به الإساءة من هذا المصلي وما لم يتعلق به إساءته من واجبات الصلاة

                                                                                                                                            وهذا يدل على أنه لم يقصر المقصود على ما وقعت به الإساءة فقط . فإذا تقرر هذا فكل موضع اختلف العلماء في وجوبه وكان مذكورا في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في وجوبه ، وكل موضع اختلفوا في عدم وجوبه ولم يكن مذكورا في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في عدم وجوبه لكونه غير مذكور على ما تقدم من كونه موضع تعليم ، ثم قال : إلا أن على طالب التحقيق ثلاث وظائف : أحدها أن يجمع طرق الحديث ويحصي الأمور المذكورة فيه ، ويأخذ بالزائد فالزائد فإن الأخذ بالزائد واجب

                                                                                                                                            وثانيها إذا أقام دليلا على أحد الأمرين إما الوجوب أو عدم الوجوب فالواجب العمل به ما لم يعارضه ما هو أقوى ، وهذا عند النفي يجب التحرز فيه أكثر فلينظر عند التعارض أقوى الدليلين يعمل به قال : وعندنا أنه إذا استدل على عدم وجوب شيء بعدم ذكره في الحديث ، وجاءت صيغة الأمر به في حديث آخر فالمقدم صيغة الأمر ، وإن كان يمكن أن يقال : الحديث دليل على عدم الوجوب ويحمل صيغة الأمر على الندب ، ثم ضعفه بأنه إنما يتم إذا كان عدم الذكر في الرواية يدل على عدم الذكر في نفس الأمر وليس كذلك ، فإن عدم الذكر إنما يدل على عدم الوجوب وهو غير عدم الذكر في نفس الأمر فيقدم ما دل على الوجوب لأنه إثبات لزيادة يتعين العمل بها ا هـ .

                                                                                                                                            والوظائف التي أرشد إليها قد امتثلنا رسمه فيها . فجعلنا من طرق هذا الحديث في هذا الشرح عند الكلام على مفرداته ما تدعو الحاجة إليه وتظهر للاختلاف في ألفاظه مزيد فائدة وعملنا بالزائد فالزائد من ألفاظه فوجدنا الخارج عما اشتمل عليه حديث الباب : الشهادتين بعد الوضوء . وتكبير الانتقال . والتسميع والإقامة . وقراءة الفاتحة ووضع اليدين على الركبتين حال الركوع . ومد الظهر . وتمكين السجود . وجلسة الاستراحة . وفرش الفخذ . والتشهد الأوسط . والأمر بالتحميد والتكبير والتهليل والتمجيد عند عدم استطاعة القراءة ، وقد تقدم الكلام على جميعها إلا التشهد الأوسط وجلسة الاستراحة وفرش الفخذ فسيأتي الكلام [ ص: 309 ] على ذلك

                                                                                                                                            والخارج عن جميع ألفاظه من الواجبات المتفق عليها كما قال الحافظ والنووي : النية . والقعود الأخير . ومن المختلف فيها التشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه . والسلام في آخر الصلاة ، وقد قدمنا الكلام على النية في الوضوء ، وسيأتي الكلام على الثلاثة الأخيرة . وأما

                                                                                                                                            قوله إنها تقدم صيغة الأمر إذا جاءت في حديث آخر واختياره لذلك من دون تفصيل ، فنحن لا نوافقه بل نقول : إذا جاءت صيغة أمر قاضية بوجوب زائد على ما في هذا الحديث فإن كانت متقدمة على تاريخه كان صارفا لها إلى الندب لأن اقتصاره صلى الله عليه وسلم في التعليم على غيرها وتركه لها من أعظم المشعرات بعدم وجوب ما تضمنته لما تقرر من أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز وإن كانت متأخرة عنه فهو غير صالح لصرفها لأن الواجبات الشرعية ما زالت تتجدد وقتا فوقتا وإلا لزم قصر واجبات الشريعة على الخمس المذكورة في حديث ضمام بن ثعلبة وغيره : أعني الصلاة والصوم والحج والزكاة والشهادتين لأن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر عليها في مقام التعليم والسؤال عن جميع الواجبات واللازم باطل فاللزوم مثله

                                                                                                                                            وإن كانت صيغة الأمر الواردة بوجوب زيادة على هذا الحديث غير معلومة التقدم عليه ولا التأخر ولا المقارنة فهذا محل الإشكال ومقام الاحتمال ، والأصل عدم الوجوب والبراءة منه حتى يقوم دليل يوجب الانتقال عن الأصل والبراءة ، ولا شك أن الدليل المفيد للزيادة على حديث المسيء إذا التبس تاريخه محتمل لتقدمه عليه وتأخره فلا ينهض للاستدلال به على الوجوب وهذا التفصيل لا بد منه وترك مراعاته خارج عن الاعتدال إلى حد الإفراط أو التفريط لأن قصر الواجبات على حديث المسيء فقط وإهدار الأدلة الواردة بعده تخيلا لصلاحيته لصرف كل دليل يرد بعده دالا على الوجوب سد لباب التشريع ورد لما تجدد من واجبات الصلاة ومنع للشارع من إيجاب شيء منها وهو باطل لما عرفت من تجدد الواجبات في الأوقات

                                                                                                                                            والقول بوجوب كل ما ورد الأمر به من غير تفصيل يؤدي إلى إيجاب كل أقوال الصلاة وأفعالها التي ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم من غير فرق بين أن يكون ثبوتها قبل حديث المسيء أو بعده لأنها بيان للأمر القرآني أعني قوله تعالى: { أقيموا الصلاة } ولقوله صلى الله عليه وسلم : { صلوا كما رأيتموني أصلي } وهو باطل لاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو لا يجوز عليه صلى الله عليه وسلم وهذا الكلام في كل دليل يقضي بوجوب أمر خارج عن حديث المسيء ليس بصيغة الأمر كالتوعد على الترك أو الذم لمن لم يفعل . وهكذا يفصل في كل دليل يقتضي عدم وجوب شيء مما اشتمل عليه حديث المسيء أو تحريمه إن فرضنا وجوده . وقد استدل بالحديث على عدم وجوب الإقامة ودعاء الافتتاح ورفع اليدين في الإحرام وغيره ووضع اليمنى على اليسرى ، وتكبيرات الانتقال ، وتسبيحات الركوع والسجود ، وهيئات الجلوس ، ووضع اليد على الفخذ ، والقعود ونحو ذلك . قال الحافظ : وهو في معرض المنع لثبوت بعض ما ذكر [ ص: 310 ] في بعض الطرق ا هـ . وقد قدمنا البعض من ذلك

                                                                                                                                            وللحديث فوائد كثيرة ، قال أبو بكر بن العربي : فيه أربعون مسألة ثم سردها .

                                                                                                                                            761 - ( وعن حذيفة { أنه رأى رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده فلما قضى صلاته دعاه ، فقال له حذيفة : ما صليت ، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم } رواه أحمد والبخاري ) .

                                                                                                                                            قوله : ( رأى حذيفة رجلا ) روى عبد الرزاق وابن خزيمة وابن حبان من طريق الثوري عن الأعمش أن هذا الرجل كان عند أبواب كندة . قال الحافظ : ولم أقف على اسمه . قوله : ( ما صليت ) هو نظير { قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء فإنك لم تصل } وزاد أحمد بعد قوله : " فقال له حذيفة : منذ كم صليت ؟ قال : منذ أربعين سنة " وللنسائي مثل ذلك . وحذيفة مات سنة ست وثلاثين من الهجرة ، فعلى هذا يكون ابتداء صلاة المذكور قبل الهجرة بأربع سنين أو أكثر

                                                                                                                                            قال الحافظ : ولعل الصلاة لم تكن فرضت بعد فلعله أراد المبالغة ، أو لعله كان ممن يصلي قبل إسلامه ثم أسلم فحصلت المدة المذكورة من الأمرين . ولهذه العلة لم يذكر البخاري هذه الزيادة . قوله : ( غير الفطرة ) قال الخطابي : الفطرة : الملة والدين ، قال : ويحتمل أن تكون المراد بها السنة كما في " حديث خمس من الفطرة " وقد قدمنا تفسيرها في شرح حديث خصال الفطرة . والحديث يدل على وجوب الطمأنينة في الركوع ، والسجود ، وعلى أن الإخلال بها يبطل الصلاة ، وعلى تكفير تارك الصلاة ، لأن ظاهره أن حذيفة نفى الإسلام عنه وهو على حقيقته عند قوم وعلى المبالغة عند قوم آخرين . وقد تقدم الكلام على ذلك في أوائل كتاب الصلاة

                                                                                                                                            وقال الحافظ : إن حذيفة أراد توبيخ الرجل ليرتدع في المستقبل . ويرجحه وروده من وجه آخر عند البخاري بلفظ : " سنة محمد صلى الله عليه وسلم " وهذه الزيادة تدل على أن حديث حذيفة المذكور مرفوع لأن قول الصحابي من السنة يفيد ذلك ، وقد مال إليه قوم وخالفه آخرون ، والأول هو الراجح .

                                                                                                                                            762 - ( وعن أبي قتادة قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشر الناس سرقة الذي يسرق من صلاته ، { فقالوا : يا رسول الله وكيف يسرق من صلاته ؟ ، قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها ، أو قال : ولا يقيم صلبه في الركوع والسجود } . رواه أحمد ولأحمد من حديث أبي سعيد مثله إلا أنه قال : " يسرق صلاته " ) . [ ص: 311 ] الحديث أخرجه أيضا الطبراني في الكبير والأوسط . قال في مجمع الزوائد : ورجاله رجال الصحيح . وفيه أن ترك إقامة الصلب في الركوع والسجود جعله الشارع من أشر أنواع السرق ، وجعل الفاعل لذلك أشر من تلبس بهذه الوظيفة الخسيسة التي لا أوضع ولا أخبث منها تنفيرا عن ذلك وتنبيها على تحريمه

                                                                                                                                            وقد صرح صلى الله عليه وسلم بأن صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود غير مجزئة ، كما أخرجه أبو داود والترمذي ، وصححه النسائي وابن ماجه من حديث ابن مسعود بلفظ { : لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود } ونحوه عن علي بن شيبان عند أحمد وابن ماجه ، وقد تقدما في باب أن الانتصاب بعد الركوع فرض . والأحاديث في هذا الباب كثيرة وكلها ترد على من لم يوجب الطمأنينة في الركوع والسجود والاعتدال منهما .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية