الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1610 [ 835 ] وعن جابر قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر وأن يقعد عليه ، وأن يبنى عليه .

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 332) ، ومسلم (970) (94) ، والنسائي (4 \ 88) ، وابن ماجه (1562) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله " نهى أن يجصص القبر ويبنى عليه " ، التجصيص والتقصيص هو البناء بالجص ، وهو القص والقصة ، والجصاص والقصاص واحد ، فإذا خلط الجص بالرماد فهو الجيار . وذكر معنى ذلك أبو عبيد وابن الأعرابي ، وقد تقدم في الحيض ذكر القصة البيضاء .

                                                                                              وبظاهر هذا الحديث قال مالك ، وكره البناء والجص على القبور ، وقد أجازه غيره ، وهذا الحديث حجة عليه ، ووجه النهي عن [ ص: 627 ] البناء والتجصيص في القبور أن ذلك مباهاة واستعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة ، وتشبه بمن كان يعظم القبور ويعبدها . وباعتبار هذه المعاني وبظاهر هذا النهي ينبغي أن يقال هو حرام ، كما قد قال به بعض أهل العلم .

                                                                                              وقوله " وأن يقعد عليها " ، وقوله “ لا تجلسوا على القبور " ، وقوله “ لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه خير له من أن يجلس على قبر " - اختلف في معناه ; فمنهم من حمله على ظاهره من الجلوس ورأى أن القبر يحترم كما يحترم المسلم المدفون فيه فيعامل بالأدب وبالتسليم عليه وبغير ذلك ، ومنهم من تأوله على أنه كناية عن إلقاء الحدث في القبور - وهو تأويل مالك . ولا شك في أن التخلي على القبور وبينها ممنوع ; إما بهذا الحديث وإما بغيره ، لحديث الملاعن الثلاث ، فإنه مجلس الزائر للقبر ، فهو في معنى التخلي في الظلال والطرق والشجر المثمر وغير ذلك ، ولأن ذلك استهانة بالميت المسلم وأذى لأوليائه الأحياء ، والله أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية